في العمق هل يعيد الملك سلمان تشكيل حرسه الوطني الخاص؟ لـ العالم بالعربية منشور في 4 second read 0 شارك على Facebook شارك على Twitter شارك على Google+ شارك على Reddit شارك على Pinterest شارك على Linkedin شارك على Tumblr ترجمة علاء البشبيشي * الملخص لطالما كان الحرس الوطني السعودي، المعروف أيضًا باسم الجيش الأبيض، دعامة أساسية للدولة السعودية التي يَرجع تاريخها إلى تأسيس المملكة. ولأكثر من خمسين عاما خلت، تكيَّف الحرس الوطني مع المتغيرات السياسية والعسكرية، وساعد آل سعود في الحفاظ على دورهم القيادي في شبه جزيرة العرب. واليوم، يَمُرُّ الحرس الوطني السعودي بمنعطفٍ جديد؛ نظرا لتغيُّر دور المملكة بسرعة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ومشاركتها المتزايدة في حملات عسكرية وجهود سياسية إقليمية استباقية. في الوقت ذاته، تواجه الدولة السعودية خلافات سياسية معقدة. ففي يناير 2015، تبوأ الملك سلمان عرش المملكة بعد وفاة الملك عبدالله بن عبدالعزيز، وهو الآن يعمل على ترسيخ سلطته. ويمكن لهذا المزيج من الديناميكيات الإقليمية المتغيرة والتحولات الداخلية أن يجبر الرياض على إصلاح، أو إعادة هيكلة، أو إعادة تنظيم الحرس الوطني السعودي. بيد أن هذه العملية لن تكون سهلة؛ بسبب الوضع الحساس للحرس الوطني في السياسة القبلية، والدور الحاسم الذي يلعبه في هيكل السلطة السعودي. * التحليل تاريخيًا، تمتد جذور الحرس الوطني السعودي إلى مجموعة تعرف باسم الإخوان؛ وهي قوة دينية وهابية مكونة من مقاتلين قبليين، أشداء ومحافظين، لعبوا دورا رئيسيا في تبوأ الملك عبدالعزيز بن سعود عرش المملكة في بداية تأسيسها. وكانت المجموعة في البداية شديدة الولاء للملك، لكن لهم رؤيتهم الخاصة؛ وهو ما جعل اشتباكها مع العائلة المالكة محتومًا. فبينما انصب تركيز ابن سعود على بناء المملكة كدولة قومية حديثة، أراد الإخوان توسيع نطاق فتوحاتهم، بغزو أراضي ما يعتبرونهم كفارًا ضمن المحميات البريطانية في شرق الأردن والعراق والكويت. لكن الملك لم يكن ينوي المخاطرة بإقحام دولته الجديدة في حربٍ مع البريطانيين. وما بدأ كغاراتٍ نفذها الإخوان بدون تفويضٍ، تقويضًا لسلطته، تحوَّل بسرعة إلى ثورة الإخوان التي اشتعلت في عام 1927، واستمرت حتى يناير عام 1930 حتى استطاعت الملكية إخماد الانتفاضة. في البدء كان “الإخوان” في أعقاب الثورة قررت السعودية بناء جيشٍ احترافيّ، باسم: القوات البرية الملكية السعودية. لكن في نهاية المطاف اتضح أن هذه القوات ستحتاج إلى دعمٍ من قواتٍ إضافية، وكان المقاتلون القبليون المسلحون خيارا طبيعيًا ليضطلعوا بهذا الدور. وفي عام 1954، أي بعد مرور عامٍ واحد على وفاة ابن سعود، طوَّرت الحكومة السعودية مكتب الجهاد والمجاهدين- الذي أدار الإخوان والقوى القبلية الأخرى- إلى الحرس الوطني السعودي، الذي ظل برغم ذلك يشكل قوة صغيرة نسبيا، إلى جانب الجيش السعودي الذي لا يزال يمثل أولوية. بدأ هذا الوضع يتغير في الستينيات، حينما ترسخت سيطرة آل سعود على الجيش الاحترافي. وبعدما شهدت العائلة الملكية سلسلة من الانقلابات العسكرية في أنحاء العالم العربي، قررت تحويل الحرس الوطني إلى قوة قطعية الولاء للعائلة الملكية، توازي في قوتها القوات البرية الملكية السعودية. استهل الملك هذا التحول بتعيين عبدالله بن عبدالعزيز- الذي أصبح فيما بعد ملكًا عام 2005- قائدًا للحرس الوطني عام 1962؛ ما منح المؤسسة قدرا كبيرا من الهيبة، وأحدث سلسلة من الإصلاحات لتحديثها. ولتسهيل هذا التحول؛ توجه آل سعود إلى الولايات المتحدة في السبعينيات للمساعدة في تدريب وتجهيز وزيادة القدرات التقليدية للحرس الوطني. في هذا الوقت، بدأ الحرس أيضًا في تجنيد المقاتلين من قبائل محدودة، واضحة الولاء. وخلال العقود التي تلت ذلك، آتت عملية الإصلاح أكلها؛ حيث نما الحرس الوطني كقوة تقليدية، وبدأ يلعب دورا رئيسيًا في السياسة الوطنية، وهي المكانة التي لا يزال يتمتع بها حتى اليوم. الحرس الوطني الحالي قطع الحرس الوطني السعودي شوطًا طويلا منذ ثورة الإخوان، حتى بات اليوم، في عام 2015، أحد أعمدة الهيكل الأمني في المملكة. وهو يلعب الآن- من جوانب عديدة- دورًا بارزًا داخل الدولة السعودية، ويضطلع على وجه التحديد بالدفاع عن آل سعود. ويُكلَّف الحرس الوطني أيضًا بحماية البقعتين المقدستين الرئيسيتين: مكة والمدينة، إلى جانب توفير الأمن لبنية النفط والغاز التحتية. وتعتبر مكانة الأولى دوليًا، والعائدات المضمونة من الثانية، من الركائز الأساسية التي تستند إليها السلطة السعودية. واليوم أصبح الحرس الوطني السعودي والقوات البرية الملكية السعودية متساويان تقريبًا من حيث عدد القوات، وإن كان ثمة اختلافات في عُدَّة القوتين وقدراتهما. فعلى عكس الجيش النظامي، يتكون الحرس الوطني من قوة مؤللة ومتنقلة منوط بها الاستجابة السريعة للتهديدات في جميع أنحاء البلاد. لكن في الوقت ذاته، تمتلك القوات البرية الملكية السعودية كافة الدبابات القتالية الرئيسية في المملكة، والغالبية العظمى من المدفعية الثقيلة. وبينما يُفتَرض أن يعمل الحرس الوطني السعودي كقوة مساعِدة في مواجهة التهديدات الخارجية، فإن القوات البرية الملكية هي التي تحمل العبء الأساسي في هذه المواجهة. ويمتلك الحرس الوطني قدرات كبيرة، لكن الواجبات المنوطة به داخلية. وقواته هي خط الدفاع الأخير عن الأمة وآل سعود أنفسهم. تحولات السلطة والحرس الوطني وتتطلع المملكة إلى امتلاك قوة أكبر في أنحاء الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. لكن رغم تبنى الرياض هذا الموقف الجديد، يجب عليها أيضا التعامل مع إعادة تشكيل السلطة التي واكبت تبوأ سلمان عرش المملكة في يناير. فقد أجرى الملك الجديد بالفعل تعديلات على عدد من المناصب الرفيعة، واختار ابن أخيه ولي العهد محمد بن نايف خلفًا له، بدلا من خليفته الأصلي، أخيه غير الشقيق مقرن. وكما كان الحال طيلة العقود الماضية، يبقى موقف الحرس الوطني حيال هذه المفاوضات بالغ الأهمية. ذلك أن القائد الحالي للحرس الوطني السعودي، الأمير متعب بن عبدالله، يعتبر منافسًا لنجل الملك سلمان، وزير الدفاع وولي ولي العهد محمد بن سلمان. ونظرا لمنصبه كرئيس للحرس الوطني؛ يمثل الأمير متعب تحديا محتملا لتوطيد سلطة الملك سلمان. ولتقليل هذا التهديد، تشير مصادر ستراتفور إلى أن الملك سلمان قد يكون يخطط لتركيز المؤسسة الأمنية في يد ابنه، وزير الدفاع الحالي الأمير محمد بن سلمان. هذا قد يعني دمج الحرس الوطني في وزارة الدفاع؛ وهو ما ينهي فعليا دور الحرس الوطني كوزارة مستقلة بإمكانها إحداث توازن في مقابل القوات البرية الملكية. وسيكون من دلالات هذا القرار أيضًا أن الملك سلمان أكثر قلقًا بشأن التهديدات الخارجية في الوقت الراهن من قلقه حيال هجمةٍ مضادة من داخل العائلة الملكية ضد ترسيخ سلطته. تحدٍ هائل مثل هذا التحول الهام في دور الحرس الوطني السعودي سيكون له أيضًا دلالة استراتيجية بالنسبة للمملكة، لكنه سيمثل أيضًا تحديًا هائلا. صحيحٌ أن دمج الحرس الوطني في وزارة الدفاع قد يوطد سلطة الملك سلمان في أنحاء البلاد، لكن هذه الخطوة تتطلب التغلب على اعتراضات القيادات البارزة في الحرس الوطني، وهيئة البيعة متنامية القوة، حيث معقل المصالح الراسخة التي تشعر بالقلق حيال ترسيخ سلطة سلمان. يوجد في صفوف الحرس الوطني أيضًا العديد من الجماعات القبلية القوية، التي تعتبر مفتاح توازن القوى المحلية. وقد شهد العديد من هذه القبائل نموًا في نفوذها بموازاة صعود نفوذ الحرس الوطني، وربما تتردد في التنازل عن هذه المكانة. كما يتمتع رئيس الحرس الوطني، الأمير متعب بن عبدالله، باحترامٍ نابع من خبرته/تدريبه العسكريـ/ـة الكبيرة. وعلى الجانب الآخر، لا تعدو خبرة وزير الدفاع الحالي، ولي ولي العهد محمد بن سلمان، إشرافه على عاصفة الحزم في اليمن. وعليه سيحتاج الملك سلمان إلى التفاوض بحرص على أي إصلاحات لتجنب الإساءة إلى هذه القوى القبلية. ولأن الحرس الوطني، منذ تأسيسه في الخمسينيات، صعد كقوة أمنية مؤثرة ومرموقة وتتمتع بالكفاءة. فإذا كان يواجه خطر الحل، أو الدمج تحت سلطة وزير الدفاع الصغير نسبيًا، والذي يفتقر إلى الخبرة، الأمير محمد بن سلمان، فإن الملك الجديد سيكون بحاجة إلى التعامل مع هذا التحول بحذر شديد. ذلك أن الإخلال بالتوازن التقليدي للقوى داخل المملكة، قد يفرز صراعا داخليا جديدا، ليس فقط داخل عائلة آل سعود، ولكن في جميع أنحاء المملكة العربية السعودية. * اقرأ أيضًا: – مستقبل “الحرس الوطني”.. هل يطيح سلمان بآخر معاقل أبناء عبد الله؟ – ثلاثي السيطرة الأمنية في عهد الملك سلمان – الصورة الكاملة.. كل ما تحتاج إلى معرفته عن المتغيرات السعودية في عهد “سلمان” – 3 أسئلة تلخص التحولات الأخيرة في خط الخلافة السعودية