في العمق هل تغيرت اللهجة السعودية بشأن خفض إنتاج النفط؟ وماذا يعني ذلك؟ لـ العالم بالعربية منشور في 2 second read 0 شارك على Facebook شارك على Twitter شارك على Google+ شارك على Reddit شارك على Pinterest شارك على Linkedin شارك على Tumblr ترجمة: علاء البشبيشي قُبَيل اجتماع أوبك يوم 4 ديسمبر في فينيا، أعلن مندوب لم يُذكَر اسمه أن المملكة العربية السعودية تخطط لخفض إنتاج النفط العالمي بالتعان مع دول داخل أوبك وخارجها. ورغم أن المسئولين السعوديين نفوا هذا الادعاء- بل إن خبر الخفض ذاته استبعد التوصل إلى اتفاق حول هذه المسألة خلال الاجتماع- إلا أن ثمة تحوُّل طفيف في لهجة السعودية فيما يتعلق بسياستها النفطية. وفقا للخطة المسربة، ستدعو الرياض إلى خفض إنتاج النفط بواقع مليون برميل يوميًا، بشروطٍ ثلاثة: أولا: أن يشمل الخفض دولًا خارج أوبك، مثل المكسيك وروسيا وسلطنة عمان وكازاخستان. ثانيًا: أن يُجَمِّد العراق إنتاجه عند المستوى الحالي (قرابة 4.3 مليون برميل يوميًا). ثالثًا: أن تشارك إيران في خفض الإنتاج. ويبدو أن هذه هي الخطة المثلى للسعودية، كما أنها ليست فكرة جديدة تماما على الرياض؛ حيث كان الموقف السعودي ثابتًا على ضرورة السماح للسوق بأن يتحرك كما يشاء، والمشاركة فقط في تخفيض الإنتاج إذا أقدَم الجميع داخل أوبك، وليس فقط المملكة، على هذه الخطوة. أما التغيير الكبير على مدى الأشهر القليلة الماضية فيتمثل في أن الخطاب السعودي يشير فيما يبدو إلى أن الرياض أصبحت أكثر انفتاحا على الفكرة، ويمكن أن تكون على وشك محاولة اتخاذ موقفٍ أكثر نشاطا حيال تنظيم تخفيض الإنتاج في غضون عامٍ أو عامين مقبلين. ويمكن أن يكون العام المقبل هو الوقت الأمثل لكي تغير المملكة العربية السعودية، أو كل أعضاء منظمة أوبك، موقفها. حيث تُحَلِّق أسعار النفط بالقرب من سقف 40 دولارا للبرميل، فيما بلغ متوسط سعر النفط في سلة أوبك 38.50 دولارًا. وهذا أقل بكثير من السعر اللازم لإضفاء الجاذبية على الاستثمار في المصادر ذات التكلفة الإنتاجية الأكبر، مثل: الصخر الزيتي أو طبقات الرمال المحكمة في أمريكا الشمالية. وتختلف تكلفة تعادل تطوير الصخر الزيتي ومتكثفات الموارد الأمريكية اختلافا كبيرا من حوض إلى حوض، لكنها تصبح أكثر جاذبية عند حدود 65 دولارا للبرميل. ويعني انخفاض أسعار النفط الحالي أن إنتاج النفط الأمريكي يتراجع، ويمكن أن يهبط من مستوى الذروة الذي وصل إليه في وقت سابق من هذا العام، وبلغ 9.6 مليون برميل يوميا، إلى قرابة 8.75 مليون برميل يوميا بحلول منتصف عام 2016. وتسعى السعودية لتحديد ما إذا كانت استراتيجية السماح لأسعار النفط بالانخفاض للتخلص من المنتجين ذوي التكلفة المرتفعة تعمل بنجاح، وأن هذا هو الوقت المناسب لخفض لإنتاج ببطء بما يسمح للأسعار بالتعافي المعتدل. وبالطبع، لا تريد المملكة أن تفعل هذا بمفردها، وستكون منفتحة للتنسيق بشأن هذه السياسة. لكن القيام بذلك ليس سهلا. فالمملكة تدرك جيدًا أن العديد من أعضاء أوبك، مثل: الجزائر ونيجيريا وفنزويلا وليبيا، يرزحون تحت نير ضغطٍ ماليّ أقوى من الرياض، ولا يستطيعون تنفيذ أي شيء يتجاوز التخفيضات الرمزية في إنتاج النفط. الأبعد من ذلك، أن التنفيذ الفعلي للتخفيضات في أماكن مثل نيجيريا- حيث تستخدم الشركات النفطية العالمية كامل الإنتاج تقريبا- صعب للغاية، إن لم يكن مستحيلا. وهو ما كان دائما أحد التحديات داخل أوبك: من الناحية الواقعية، فقط بإمكان المملكة العربية السعودية والأشقاء في الخليج خفض الإنتاج بمقدار كبير، بيدَ أن هذا التكتل داخل أوبك هو الأقل حساسية حيال انخفاض أسعار النفط. ردًا على الاقتراح المُسَرَّب، أوضحت إيران أنها لن تُخَفِّض إنتاجها طواعية. وعلاوة على ذلك، قال الإيرانيون إنه ليس بمقدور أحد أن يطالبهم بعدم تصدير مزيدٍ من النفط عقب تخفيف العقوبات الدولية العام المقبل. وتشعر الرياض بالرضا التام حيال إبطاء إنتاجها النفطي لرفع الأسعار، لكن فقط إذا حذت طهران الحذو ذاته. ذلك أن السعوديين لا يريدون خفض الإنتاج، ثم رؤية المنافسين الجيوسياسيين القدامى، الإيرانيين، يزيدون إنتاجهم، ويجنون الفوائد، مع مواجهة آثار الخفض السعودي. هذا يُجهِض الحوار بين الرياض وطهران قبل ولادته، ويجعل الحديث عن تغيير اللهجة داخل أوبك سابقا لأوانه. كما أن بإمكان السعوديين التأقلم بدون خفض الإنتاج، وواصلت الرياض الاستعداد لفترة ممتدة من انخفاض الأسعار إلى ما دون 100 دولار للبرميل، وهو ما تحتاجه لتحقيق التوازن في ميزانيتها الاتحادية لعام 2015. على سبيل المثال، بدأت المملكة العربية السعودية إصدار سندات، وتدرس إدخال تخفيضات كبيرة على ميزانيتها، وإصلاحات على إنفاقها الاجتماعي. لكن السعوديون لن يخفضوا ميزانياتهم بالقدر اللازم لتحقيق التوازن مع سعر النفط. بدلا من ذلك، سوف تستمر المملكة في ضبط الإنفاق ببطء استعدادا لفترة طويلة من اعتدال الأسعار. وبطبيعة الحال، إذا أقدم السعوديون على تنظيم خفضٍ علنيّ للإنتاج، سيكون السؤال هو ما إذا تحقق التخفيض، وما إذا كان مستدامًا، والأهم، ما إذا آتى ثماره المطلوبة. وإذا خفضت أوبك الإنتاج بمقدار 1 مليون برميل يوميا، فإنها ستهبط بإنتاج المنظمة من الـ 33.1 مليون برميل التي أنتجتها يوميًا تقريبًا خلال العام الحالي، إلى حدود إنتاجها خلال الربع الأول من عام 2015. ولن يؤدي ذلك إلى ارتفاعٍ هائل في الأسعار، لكنه سيكون مؤشرا لبدء الانطلاق نحو الانتعاش الذي يمكن أن يؤدي في النهاية إلى اقتراب الأسعار من النقطة التي يصبح عندها معظم إنتاج الصخر الزيتي الأمريكي اقتصاديا. ورغم أن المقترح السعودي المسرب قد لا يكون حقيقيا تماما، إلا أن المملكة العربية السعودية تتحرك بالتأكيد بعيدا عما كان سابقًا سياسة صلبة تتمسك بالحفاظ على إنتاجها المرتفع منذ اجتماع أوبك في ديسمبر الماضي. ونظرا للزيادة المحتملة في الصادرات الإيرانية خلال النصف الأول من عام 2016، ربما يصبح التوافق داخل أوبك الآن حول هذا الأمر من السابق لأوانه. ومع ذلك، يمكن للأسس التي تضعها المملكة العربية السعودية أن تشكل قاعدة لاتخاذ إجراءات بشأن هذه المسألة في وقت لاحق خلال عام 2016.