شارك على Facebook شارك على Twitter شارك على Google+ شارك على Reddit شارك على Pinterest شارك على Linkedin شارك على Tumblr ترجمة: علاء البشبيشي انخفاض أسعار النفط يعني تقلص مساحة المناورة المتاحة أمام حكومات دول الخليج، حين يتعلق الأمر بقرارات الإنفاق لعام 2015. ووفقًا لأحد التقديرات، يمكن أن تتقلص المشروعات الاستثمارية بقرابة 45 مليار دولار؛ وهو ما يمكن أن يؤدي بدوره إلى تباطؤ النمو الاقتصادي هذا العام. اختبار القدرة على الاستمرار عندما تبوأ الملك سلمان بن عبد العزيز، عرش المملكة لم يدَّخر وقتًا لاتخاذ بعض القرارات المكلفة؛ فإلى جانب صرف راتب شهرين مكافأة لموظفي الدولة، أمر الملك بإعانات للطلاب والأندية الرياضية، فضلًا عن بعض الإجراءات الأخرى. وأشارت وكالة ستاندرد آند بورز للتصنيف الائتماني إلى أن حزمة الإنفاق من خارج الموازنة، التي أقرها ملك السعودية سلمان عبد العزيز مؤخرًا، تقدر بنحو 110 مليارات ريال ( 29 مليار دولار)، وتمثل 4.5 % من الناتج الإجمالي المحلي. مثل هذه المبادرات هي الطريقة التقليدية التي اعتاد حكام الخليج استخدامها لشراء الولاء وقمع المعارضة، لكن قدرتهم على الاستمرار في هذا النهج تخضع للاختبار الآن، نتيجة التدني المستمر لأسعار النفط. وفي أنحاء المنطقة، تواجه الحكومات انخفاضات حادة في الإيرادات هذا العام. ويتوقع بنك سيتي جروب الأمريكي أن تشهد 6 دول خليجية انخفاضًا في العوائد بقيمة 180 مليار دولار خلال عام 2015، على حساب متوسط سعر النفط 63 دولارًا للبرميل. دلائل تقريبية في ظل انعدام الشفافية ومع أن بعض الحكومات تمتلك الإمكانيات المادية اللازمة لمواجهة هذا الموقف؛ فالسعودية والكويت وأبو ظبي وقطر لديها احتياطيات مالية كبيرة، إلا أن سلطنة عمان والبحرين تواجه موقفًا أكثر ضيقًا، حيث يمتلكان موارد محدودة يمكن الاعتماد عليها. وليس سهلًا تحديد السرعة والمدى الذي يمكن للحكومات أن تغير نهجها وفقًا له، بالنظر إلى انعدام الشفافية حول وضع مواردها المالية. فالبحرين وقطر ليس من المتوقع أن يعلنا عن ميزانيتهما حتى مارس أو أبريل، بينما تميل الكويت إلى وضع اللمسات الأخيرة على ميزانيتها، بعد فترة طويلة من بداية السنة المالية في أبريل. وقد نشرت دولة الإمارات العربية المتحدة ميزانيتها الاتحادية لعام 2015، دون توقع أي عجز ولا زيادة إنفاق، لكن ميزانية أبو ظبي الغنية بالنفط، والأكثر أهمية، لم يسبق الإعلان عنها. أيضًا نشرت السعودية وعمان ميزانيتهما لعام 2015، لكن بالنظر إلى إسرافهما في الإنفاق خلال السنوات الأخيرة، لا يمكن للأرقام المعلن عنها تقديم سوى دليل تقريبي. السيطرة على العجز وبغض النظر عما إذا كانت هذه الحكومات غنية أو فقيرة، ستظل تحت وطأة ضغط خفض الإنفاق، حتى تبقى معدلات العجز في مستويات يمكن السيطرة عليها، أو على أقل تقدير للحد من وتيرة تزايد الإنفاق. ويتوقع سيتي جروب أن تنفق دول مجلس التعاون الخليجي بشكل عام 44.5 مليار دولار أقل هذا العام مقارنة بالعام الفائت. أما معظم التخفيضات فسوف تشهدها السعودية، مع توقعات بانخفاض قيمته 52 مليار دولار في عام 2015، مقارنة بـ2014. وسوف تخفض البحرين وعمان ميزانيتهما بواقع 1 مليار و5.3 مليار دولار على التوالي. صحيح أن هذه الأرقام أصغر من حيث القيمة المطلقة، لكنها تمثل نسبة ضخمة من الإنفاق العام، حيث تبلغ نسبة الانخفاض في البحرين 11 %، وعمان 14 %. ويرجح أن تستمر بعض الحكومات الأخرى في زيادة الإنفاق، لكن حتى مستويات أقل بكثير من المتوسطات الأخيرة. كما ارتفع معدل الإنفاق القطري بمعدل 20 % في السنة ما بين 2008 و2012، لكن وكالة ستاندرد أن بورز تقول إنه سيتباطأ بمعدل 4 % ما بين عامي 2014 و2017. بالطبع، مثل هذه التنبؤات مفتوحة للنقاش. وترى مؤسسة كابيتال إيكونوميكس للأبحاث ومقرها لندن، أنه في حين قد تخفض الرياض إنفاقها من حيث القيمة الحقيقية، فمن غير المرجح أن تضغط بشدة على سياستها المالية في عام 2015. فيما ستحتاج البحرين وعمان إلى ضغط مالي كبير حتى لا تخرج الميزانية عن المسار. الإنفاق العقلاني ويمكن رؤية الرغبة في وضع خطط الإنفاق على أسس أكثر عقلانية في عدد من القرارات الأخيرة، التي اتخذتها البلدان الغنية بالنفط. ففي غرة يناير، خفضت الكويت الدعم على الديزل والكيروسين، ورفعت سعريهما من 55 إلى 170 فلس/لتر، رغم أن الضغط السياسي أسفر عن إعلان شركة البترول الوطنية الكويتية يوم 28 يناير، أنها ستخفض الأسعار إلى 110 فلس/لتر بحلول مطلع فبراير، على أن تراجع الأسعار شهريًا. ورغم الانتكاسة، يظل تقليص الدعم هدفًا في ظل معاناة الحكومة من انخفاض عوائد التصدير. حيث توقعت الحكومة الكويتية عجزًا ماليًا بقيمة 8.23 مليار دينار (27.8 مليار دولار) في ميزانية 2015/2016، وإنفاق 19.07 مليار دينار كويتي، بانخفاض قدره 4.14 مليار دينار كويتي من الإنفاق المخطط في 2014-2015. ويقول بنك الكويت الوطني: إن مجلس الوزراء يقترح خفض النفقات بنسبة تصل إلى 15 % في بعض الوزارات، مع التركيز على تخفيض الدعم، وتقليل عدد العمالة الوافدة. تقليص المشروعات على صعيد آخر، ألغت قطر مشروع الكرعانة للبتروكيماويات، الذي كان مخططًا تنفيذه مع شركة شل، بقيمة 6.4 مليار دولار. وإذا استمر انخفاض أسعار النفط، قد تشهد مشروعات طاقة أخرى المصير ذاته. “وفي ظل هذا الانخفاض، تفقد الكثير من اقتصاديات هذه المشروعات جاذبيتها فجأة، لذلك تعتمد إلى حد كبير على مدى استعداد الحكومة لضخ الأموال فيها لأسباب أخرى. وبالتأكيد سوف تبطئ إلى حد كبير عددًا من المشروعات على مستوى قطاعات المنبع والمصب في المنطقة”، على حد قول بول ستيفنز، الزميل البارز في تشاتام هاوس. ويبدو التركيز على كبح جماح الإنفاق منطقيًا؛ بالنظر إلى البيئة السياسية الحساسة في الخليج. كما أن الخوف من الحركات الاحتجاجية يعني أن التخفيضات على وظائف المواطنين المحليين أو الأجور ستكون هي الملاذ الأخير. جانب آخر من البيئة الجديدة، هو أن العجز في الميزانية من المرجح أن يصبح شائعًا في أنحاء المنطقة. حيث تتوقع وكالة ستاندرد آند بورز أن تسجل عمان والسعودية وقطر والبحرين وأبو ظبي عجزًا هذا العام، يتراوح بين 1.4 % من الناتج المحلي الإجمالي في قطر إلى 8 % في البحرين. ويتوقع أن تشهد الكويت عجزًا نسبته 15 % من ناتجها المحلي الإجمالي، على أساس سعر برميل النفط بواقع 45 دولارًا، رغم أن أرقام الإنفاق والإيرادات التي أعلن عنها في مسودة الميزانيات الكويتية غالبًا لا يكون لها اتصال يُذكَر بما يحدث في الواقع. إعادة تدوير أموال النفط ويرجح ألا يمثل تمويل هذا العجز مشكلة على المدى قصير، نظرًا للمدخرات الكبيرة والديون المنخفضة لدى بعض الحكومات، واستعداد دول الخليج الأكثر ثراء لمساعدة جيرانهم الأكثر فقرًا. لكن هذه الأرقام تسلط الضوء على نقاط الضعف الأساسية في اقتصاديات الخليج، التي تستمر في الاعتماد على إعادة تدوير أموال النفط في الاقتصاد عبر الإنفاق الحكومي. وبالتالي، فإن الأهمية المركزية للإنفاق الحكومي تعني أن أي خفض في الإنفاق يمكن أن يؤدي إلى تباطؤ أكبر بكثير للنمو الاقتصادي. لذلك يتوقع تيم كالين، مساعد مدير صندوق النقد الدولي بمنطقة الشرق الأوسط ووسط آسيا، أن “يبقى الإنفاق الحكومي عند مستويات مرتفعة في المدى القريب”. مضيفًا خلال حديثه في لندن يوم 5 فبراير: “بالنظر إلى المستقبل، من يدري ما الذي سيحدث في سوق النفط في الشرق الأوسط؟. لكني أرجح أن الفترة التي كان بإمكان الحكومات زيادة الإنفاق خلالها بوتيرة حادة قد ولَّت. وبالتالي فإن السؤال هو: ما الذي سيوفر النمو الاقتصادي إذن؟”. يعتمد كل شيء على توقيت تعافي أسعار النفط. وفي الوقت الحالي، فإن السعر الذي تحتاجه دول مجلس التعاون الخليجي لتحقيق التوازن في ميزانيتها- أو ما يعرف بسعر التعادل المالي- يتراوح بين 62.80 دولارًا للبرميل في حالة الكويت، و130.20 بالنسبة للبحرين، وفقًا لمعهد التمويل الدولي ومقره واشنطن. وعلى المدى المتوسط، يتوقع معظم المراقبين ارتفاع أسعار النفط إلى 60-70 دولارًا للبرميل، لكن عدم التوافق بين العرض والطلب العالمي يعني أن الكثيرين لا يتوقعون أي شيء أكثر. فيما تستبعد كابيتال إيكونوميكس “العودة إلى حاجز 100 دولار في المستقبل المنظور”. * شؤون خليجية