في العمق الدين.. محرك السياسات لـ العالم بالعربية منشور في 0 second read 0 شارك على Facebook شارك على Twitter شارك على Google+ شارك على Reddit شارك على Pinterest شارك على Linkedin شارك على Tumblr ذي إيكونوميست ترجمة: علاء البشبيشي “يتخذ الكثيرون من الدين حصنًا ضد مخاطر العولمة، خاصة في العالم الإسلامي. فترى الناس ينظرون للعولمة على أنها شيء ينبغي تجنبه، ويرون أن الدين ملجأ ينبغي الاحتماء به”، بهذه الكلمات استهل مراسل مجلة “ذي إيكونومست” البريطانية “جون مايكلثويت”، تقريره الذي سلط الضوء على الدور الرئيس الذي يقوم به الدين في سياسات القرن الحالي. وللتدليل على هذا الطرح، يناقش الكاتب وضع نيجيريا، تلك البلد المقسمة بين المسلمين والنصارى، والذي يعترف سكانها أنفسُهم بانتماءاتهم الدينية أولاً، ثم بوطنيتهم ثانيًا. وتعد نيجيريا أكبر الدول الأفريقية سكانًا، وتحظى بكثافة كبيرة من المسلمين؛ إذ تضم أكثر من ثلث المسلمين في أفريقيا، تتجاوز نسبة المسلمين فيها 60% من بين ما يزيد عن 130 مليون نسمة، حسب آخر إحصائيات، وتبنت ولاية “كانو” الشمالية، الشريعة الإسلامية، عام 1999، عندما أجرت البلاد انتخابات، أنهت 15 عامًا من الحكم العسكري. الدين أولاً نجد المواطنين في نيجيريا، مسلمهم ونصرانيهم، يتخذون من الدين منطلقًا لرؤاهم الفكرية، وتأييدهم السياسي. ووفقًا لاستطلاع نشرته “الإيكونوميست” حول الرأي العام في نيجيريا، يتضح لنا أن أكثر من 90 % من المسلمين، 75% من النصارى يقدمون هويتهم الدينية على انتمائهم الوطني، أو العرقي. حتى الموقف من الولايات المتحدة الأمريكية نجده يتحدد وفقًا للخلفية الدينية. ولأن المستهدف دائمًا من “الحرب الأمريكية على الإرهاب” يكون من المسلمين، نجد 65% من المسلمين النيجيريين يعارضون سياسة أمريكا، و 87% يرفضون الحرب على ما يسمى بـ”الإرهاب”. بينما نجد 90% من النصارى يؤيدون أمريكا، و 87% مع حربها على ما تسميه الإرهاب، ولم لا؟ وبوش قد رفع (اللواء المسيحي لخلاص البشرية!). حتى المشاعر الإنسانية، كشف الاستطلاع أن الدين يوجهها، فنجد 47% من النصارى يتعاطفون مع إسرائيل، بينما 61% من المسلمين يوجهون تعاطفهم للفلسطينيين. نيجيريا لم تكن إلا مجرد مثال في هذا الشأن، وإلا فلننظر إلى الصراع الدموي في فلسطين، إنه صراع عقيدة ودين، فالفلسطينيون يقاومون من منطلق اعتقادهم بأن الله أوجب عليهم دفع العدو الصائل، والإسرائيليون يذبِّحون، بزعم أنهم ينفذون أوامر الرب في التوراة! وها هي بورما (ميانمار) لم تتحرك إلا بعد قرع الرهبان البوذيين لطبول الانتفاضة ضد الحكم العسكري في البلاد، وفي “سريلانكا”: يشن البوذيون حربًا طويلة الأمد ضد المسلمين، من منطلق ديني بالطبع، وهكذا الحال في شتى بقاع الأرض. وهكذا يتأكد أنه بالرغم من علو الأصوات المنادية بتنحية الدين، وعدم إقحامه في السياسة، نجد الشعوب تأبى إلا أن تفعل، ففطرتها تجبرها على ذلك. وفي الدول الغربية.. أجبر الدين السياسة في الكثير من الأحيان على العودة لمربع معين. فالرئيس الأمريكي يبدأ يومه بسجود، وكل اجتماع وزاري بصلاة! وغالبًا ما يطرح السؤال المهم في السجال بين الجمهوريين والديمقراطيين ( كم مرة تذهب للكنيسة؟!). يفعلون ذلك بالرغم من سخرية الليبراليين الأوروبيين منهم، بل تجدهم يبادلونهم السخرية بمثلها، أو أسوأ منها. وفي كل هذه السجالات يظهر الدين محركًا أساسيًا، وتتراجع حجج العلمانية سواء كان معتنقوها من النصارى أو المسلمين. انظروا للوراء ويقول أستاذ التاريخ والدراسات الدينية في جامعة بنسلفانيا،”فيليب جينكيس”: إن المؤرخين حين ينظرون للقرن الماضي، يتبين لهم أن الدين كان المحرك الرئيس، والقوة العظمى للشئون الإنسانية في العالم. ليس ذلك وفقط، بل كان المنطلقَ للقرارات السياسية، والالتزامات الدولية، والرؤى القومية، والحروب معاهدات السلام. ويؤكد علماء الاجتماع هذه الأطروحات، ويشاركهم فيها الواقع والماضي، وربما المستقبل أيضًا. ورغم تجاهل “داروين”لها، وحذف “ماركس” لتأثيرها، وتفكيك “فرويد” لمحتواها، نجد فكرة الدين لا تنفك عن البشر، وتأثيراتها لا يخلو حادث منها، وانظر لقيام “دولة إسرائيل” المزعومة، وحرب “الأيام الستة” عام 1967، وانتخاب النصراني”جيمي كارتر”، رئيسًا للولايات المتحدة عام 1970، والإطاحة بشاة إيران، وتولي “خامنئي” البلاد ،وهكذا كان الحال مع الجنرال ضياء الحق في باكستان، وإعطاء الدستور “السريلانكي” الأولوية للبوذيين، وغيرها من الأحداث التي أثرت دينيًا، أو لعب الدين فيها دورًا جوهريًا. وكلها تشترك في شئ واحد، وهو تمسك الشعوب، على اختلاف أديانهم بفكرة الدين، ورفضها للعلمانية. المستقبل للدين وفي استطلاع آخر، يتكشّف لنا أن الارتباط العالمي بالدين في تزايد مستمر، أقول الارتباط وليس الالتزام، فمن 67% عام 1900 ، قويت الصلات الدينية لتصل إلى 73% عام 2005، ومن المتوقع أن تصل لحاجز 80% عام 2050. وقد ذهب نصيب الأسد في هذا الارتباط الديني، وفق الاستطلاع، للمسلمين يليهم النصارى. ولكن يبقى سؤال هام، مفاده ( لماذا يبقى الاهتمام بالدين في تزايد مستمر؟!) . والجواب: ربما يكمن السبب الأول في ردود الأفعال، وطريقة توجيهها، فكلما زاد الاضطهاد، قويت الروابط بين الشعوب ودينها، وكلما انتشرت الحملات التبشيرية، واجهتها حركات أصولية. وقد ألقت أحداث 11 سبتمبر المزيد من الضوء على هذا الشأن، لذلك اقترحت وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية (CIA)، منذ أكثر من عقد، التنقيب عن “الدين”، لكن أمريكا لم تفتأ ترتكب نفس الأخطاء، فذهبت لأفغانستان، ثم العراق، وزاد القلق من سياسة بوش التي “يوجهها الرب”، حسب زعمه. ويبدوا أن هذا الفيروس انتقل لفريق بوش، الذي قال أحد أعضائه يومًا:” أينما نظرنا حولنا، استرعى انتباهنا مشكلة دينية. ليس مع الإسلام وفقط، بل مع الأرثوذكسية الروسية، والقومية الهندوسية في الهند، والنصرانية الصينية، وإذا ما تركنا العنان لأفكارنا نجد القائمة تطول…!”. أين الخلل؟ يأتي هذا التقرير الخاص في محاولة للتخفيف من وطأة تلك الصراعات، ولطرح 3 تحذيرات علاجية من: أولاً: المراوغة الدينية، فمعظم الكنائس تتكلف في تأييدها، وغالبية الحكومات لا تدرج الدين في إحصائياتها الرسمية الحقيقية، ففي نيجيريا مثلاً نجد الإحصاءات الصحية أفضل وسيلة لتتبع ذلك. ثانيًا: ادعاء الجميع أن لديهم أجوبة لكل الأسئلة، رغم بقاء العديد من التساؤلات بلا إجابة مقنعة. وأخيرًا: إشباع العواطف، فربما ساءك ما تؤمن به.