شارك على Facebook شارك على Twitter شارك على Google+ شارك على Reddit شارك على Pinterest شارك على Linkedin شارك على Tumblr ترجمة: علاء البشبيشي رغم الاتفاق المبدئي الذي توصلت إليه السعودية وفنزويلا وقطر وروسيا، أواخر فبراير الماضي، ويقضي بتجميد إنتاج النفط عند مستويات منتصف يناير، من المرجح أن تحافظ السعودية على انخفاض أسعار النفط في المستقبل المنظور. ويعتبر هذا الاتفاق هو الأول من نوعه بين أوبك وأعضاء من خارج المنظمة منذ 15 عاما، ويهدف إلى وقف الانخفاض الحاد في أسعار النفط الذي اجتاح العالم وعاث في جنبات الاقتصاد فسادًا. وفي حين أثار الاتفاق بعض التفاؤل، إلا أن الشعور بالاطمئنان سرعات ما تلاشى مع شروق شمس الواقع: حيث لن تُخرِج الصفقة برميلَ نفطٍ واحد من السوق. ومع غياب احتمالية خفض الإنتاج العالمي، فإن أسعار النفط ستبقى منخفضة في ظل وفرة المطروح حاليًا. ورغم أن المنتجين يواجهون ضغوطًا مالية غير طبيعية، فيما يسعى البعض للحصول على بعض المساعدة في محاولةٍ لإنقاذ الاقتصاد، فإن هناك العديد من الأسباب التي تُرَجِّح أن السعودية- المهندس الرئيس للأزمة الحالية- ستُبقِي الأسعار منخفضة. هذه الأسباب تتضمن: وقف ثورة النفط الصخري الأمريكية، وجعل روسيا تدفع ثمن توغلها في سوريا، وإضعاف إيران والعراق. ونظرا لأن هذه الاستراتيجيات بدأت تؤتي ثمارها، فإن الرياض تقاوم الدعوات المطالبة بخفض الإنتاج. علاوة على ذلك، بدون تعاون الأوبك سوف يضخ المنتجون الآخرون بمعدلاتٍ شبه قياسية، في محاولةٍ يائسةٍ كيلا يخسروا حصتهم في السوق. وبالتالي سوف تستمر أسعار النفط في الانخفاض، على الأقل في المستقبل المنظور. مواجهة ثورة النفط الصخري الأمريكي أحد الأسباب التي دفعت السعودية إلى خفض أسعار النفط هو تحدي ثورة النفط الصخري الأمريكية الوليدة. حيث من المتوقع أن تصبح الولايات المتحدة أكبر منتج خلال السنوات القليلة المقبلة، في حين تشير التقارير أيضا إلى أن إنتاج النفط الصخري يمكن أن يتضاعف من أربعة إلى ثمانية ملايين برميل يوميًا بحلول عام 2035. ربما يبدو هذا تافهًا؛ نظرا لأن توقعات الطلب العالمي هذا العام تقارب 96 مليون برميل. لكن يذهب المحللون إلى أن خفض ولو 5% من الناتج العالمي- قرابة 4.8 مليون برميل- سوف يرفع الأسعار ما بين 50- 100 اليوم. ولا غروَ، فمع ارتفاع تكاليف إنتاج النفط الصخري، تتوقع السعودية أن الانخفاض الحاد في الأسعار سوف يُخرِج هؤلاء اللاعبون الجُدُد من الساحة، وبالتالي الحفاظ على الوضع الراهن. تمخَّضَت هذه الاستراتيجية عن نتائج مختلطة. وعلى الرغم من إفلاس عشرات الشركات، أظهر البعض مقاومةً، وربطوا الأحزمة، وثبتوا الأوتاد. لكن برغم ذلك، سوف تخضع هذه الشركات لقوى السوق، ومن المتوقع أن يشهد العام الجاري موجة من الإفلاسات. وفي حين يشكك كثيرون في قدرة المملكة على تأجيل ثورة النفط الصخري إلى أجلٍ غير مسمى- خاصة منذ أصبح شراؤه أرخص بكثير- من غير المرجح أن يُخَفِّض آل سعود الإنتاج قريبا؛ نظرا لما سيقدمه ذلك من فسحة لالتقاط الأنفاس للمنافسين الأمريكيين. ردًا على توغل روسيا في سوريا أدى توغل فلاديمير بوتين في سوريا أواخر العام الماضي إلى تغيير الحقائق على الأرض، وترسيخ أقدام نظام بشار الأسد، وتراجُع نفوذ المملكة العربية السعودية ودول الخليج الأخرى. وبعدما كان حكم الأسد يبدو هشًا، جاء التدخل الروسي ليضمن نجاته. علاوة على ذلك، بدأ نفوذ الرياض يتلاشي في سوريا على وقع الضربات الروسية ضد المتمردين المعارضين، الذين يحظى كثير منهم برعاية سعودية، وهو ما يترتب عليه أيضا تراجع تأثير السعودية في محادثات السلام، والمناقشات بشأن مستقبل البلاد. يشعر المسئولون السعوديون بالفزع مما يعتبرونه تقاعسا أمريكيًا في مواجهة العدوان الروسي في حلب وغيرها من المناطق الساخنة في الشمال، ما تسبب في ازدياد إحباطهم. ورغم أن الزعيم الفعلي لأوبك من غير المرجح أن يتدخل عسكريًا دون موافقة واشنطن، فإن إبقاء الأسعار منخفضة يُعتَبر أحد وسائل الإضرار باقتصاد موسكو الهش. وإلى جانب العقوبات التي تعيث في ميزانية الكرملين فسادا، كلما استطاعت السعودية مَدّ فترة انخفاض الأسعار، كلما تفاقمت معاناة روسيا الاقتصادية أكثر. وبالفعل صرح وزير المالية الروسي وزير المالية الروسي أنطون سيلوانوف بأن بلاده تحتاج إلى أن يرتفع سعر برميل النفط إلى 82 دولارا لتحقق التوازن في ميزانيتها. هذا قد لا يُغَيِّر حسابات بوتين في سوريا، لكن أسعار النفط المنخفضة سوف تمثل على الأقل فاتورة باهظة تُذَكِّر بأن أفعال روسيا لا تمر بدون عواقب. إضعاف إيران والعراق تستخدم المملكة أسعار النفط أيضًا كوسيلة لكبح جماح منافسها التقليدي، إيران. صحيحٌ أن الاقتصاد السعودي يعتمد بشكل كبير على النفط، حيث يمثل 90% من عائدات التصدير، و80% من إيرادات الحكومة. لكن الرياض لا تزال تتمتع بمكانة مالية تتفوق على خصمها الإقليمي، مع احتياطياتٍ أكبر، ونسبةِ ديونٍ أصغر. وفي الواقت ذاته، تحتاج إيران أن ترتفع أسعار النفط حتى نقطة التعادل. لذلك من المرجح أن تُبقِي السعودية أسعار النفط منخفضةً، مُتَّكِئةً على قدرتها على الصمود لفترة أطول من إيران. وفي نهاية المطاف تأمل الرياض أن يتمخض الضغط المالي عن عجز إيران في الحفاظ على وكلائها داخل سوريا واليمن وأماكن أخرى. وبعدما أقدَمَت إيران مؤخرًا على خطواتٍ عسكريةٍ ودبلوماسيةٍ، فإنها قد تضطر إلى تبني سياسة خارجية أقل توسعية، بما يسمح للسعوديين بإعادة تشكيل التحالفات في المنطقة، واستعادة الكثير من نفوذهم المفقود. وبالمثل، تَعتبر الرياض انخفاض أسعار النفط وسيلةً لمزيدٍ من زعزعة استقرار النظام الشيعي العاجز في العراق، والذي كان حليفًا لإيران منذ الإطاحة بصدام. وقد أثار التحالف بين البلدين مخاوف السعودية من “الهلال الشيعي” المقبل، في حين يحرص حكام المملكة على أن يبقى جيران إيران مفتتون. وعلى المدى الطويل، قد يعني عدم الاستقرار أيضا عجز العراق عن تطوير ما تبقى لديه من احتياطات نفطية. شؤون خليجية