الرئيسية في العمق السعودية تهدد بتدمير اقتصادي متبادل.. تقييم خيارات المملكة في مواجهة قانون جاستا

السعودية تهدد بتدمير اقتصادي متبادل.. تقييم خيارات المملكة في مواجهة قانون جاستا

1 second read
0

ترجمة: علاء البشبيشي

سيكون الرئيس الأمريكي باراك أوباما مُحَمَّلا بأثقالٍ، أكثر من المعتاد، عندما يسافر إلى العاصمة السعودية هذا الأسبوع. وبعدما كان مخططا أن تكون الزيارة فرصة لكي تُطَمئِن الولايات المتحدة حلفاءها في الخليج، وتعزز التنسيق حول عدد من القضايا الإقليمية. بدلا منذ ذلك، سيقضي أوباما معظم الوقت وهو يحاول تهدئة المخاوف بشأن مشروع قانونٍ قيد النظر في مجلس النواب الأمريكي.

يهدف المشروع إلى السماح للمحاكم الأمريكية بقبول دعاوى تعويض ضد المملكة من ذوي ضحايا هجمات 11 سبتمبر، التي أسفرت عن مقتل أمريكيين على أرضٍ أمريكية. ولأن مشروع القانون يتعلق بمسألة بالغة الحساسية؛ فإنه يمثل نقطة جذب لمرشحي الرئاسة، بما في ذلك السناتور الجمهوري تيد كروز، وكلا المرشحين الديمقراطيين.

لكن إدارة أوباما حاولت اتخاذ موقف أكثر حيادًا، واضعة في اعتبارها هدفين رئيسيين: تجنب تدشين سابقة قد تفتح الباب أمام هذا النوع من الدعاوى القضائية، والحفاظ على علاقة لائقة مع السعوديين، في خضم هذه الفترة المضطربة التي تمر بها منطقة الشرق الأوسط.

ورغم أن تخفيف الضغوط الداخلية لن يكون غنيمة باردة، لن يخاطر أوباما باستعداء الرياض. فبعد كل شيء، يحتاج الرئيس الأمريكي إلى الدعم السعودي من أجل احتواء تنظيم الدولة، ولإيجاد قوة سنية موازِنة للعلاقة الأمريكية الوليدة مع إيران.

وكانت السعودية قد ببيع أصولٍ تمتلكها في أمريكا، وتبلغ قيمتها 750 مليار دولار، حال تمرير مشروع القانون. ورغم أن التهديد- الذي نقله وزير الخارجية السعودي شخصيًا إلى البيت الأبيض- حظي بالكثير من الاهتمام، إلا أنه يستحق المزيد من التدقيق عن قرب.

باستثناء عدد قليل من المسئولين رفيعي المستوى في واشنطن والرياض، لا يستطيع أحد أن يقول على وجه اليقين كم وظفت السعودية في سندات الخزانة الأمريكية. ومع ذلك، نحن نعرف أن وزارة الخزانة الأمريكية لديها حزمة من الممتلكات السعودية إلى جانب الدول الأخرى المصدرة للنفط، بما في ذلك الكويت وقطر والإمارات.

بلغت هذه الممتلكات مجتمعة 281 مليار دولار بنهاية فبراير. ولأن معظم ثروات الكويت وقطر والإمارات توجد في صناديق استثمارية خارجية وأسهم مختلفة في أنحاء العالم؛ يمكننا افتراض أن السعودية تمتلك حصة كبيرة من هذا المبلغ. لكن برغم ذلك، تقابل هذه المليارات الـ 281، سندات خزانة بقيمة 1.25 تريليون دولار للصين، أو 1.13 تريليون دولار لليابان.

نظريًا، ستوجه السعودية ضربة قوية لسندات الولايات المتحدة إذا باعت عددا كبيرا من الأصول الأمريكية التي تمتلكها مرة واحدة. لكن المملكة ستضر نفسها أيضًا، ربما بقدرٍ أكبر من الولايات المتحدة. لأن هذا البيع الكبير مرة واحدة سيقلل ثمن الأصول منذ البداية؛ ما يعني أن السعودية ستفقد المزيد من النقود مع كل عملية بيع.

وحتى لو أرادت المملكة طرح جميع أصولها مرة واحدة، فإنها ستظل بحاجة إلى إيجاد ما يكفي من المشترين المستعدين لشرائها دفعة واحدة لتجنب الخسارة المالية الكبيرة.

وبإمكان السعودية تأطير عمليات البيع كإجراء وقائي لمنع الولايات المتحدة من الاستيلاء على الأصول بسبب الاتهامات المتعلقة بهجمات 11 سبتمبر، وهو الأمر الذي يستبعد أن تلجأ إليه الولايات المتحدة على أي حال.

لأن الولايات المتحدة إذا قامت بالاستيلاء على نسبة كبيرة من سندات الخزينة السعودية لأسباب سياسية، فإنها سوف تثير بذلك خطرا سياسيا على بقية الأصول التي تمتلكها بلدان أخرى، وهو ما سيتسبب في خلق نوع من الهروب يمكن أن يقوض سيادة الدولار الأمريكي. والولايات المتحدة لن تشارك في هذا النوع من الممارسات الاقتصادية التي ستلحق بها الأذى.

وهكذا، ما يهدد به السعوديون يبدو أنه خيار نووي، يتوعد بإلحاق دمار متبادل ومؤكد للمملكة العربية السعودية والولايات المتحدة وكذلك للاقتصاد العالمي. لكن السعودية تواجه ضغوطا مالية كبيرة جدا في الداخل تمنعها من الضغط على الزر: توقعات أسعار النفط قاتمة، ولا تزال احتمالات الانتعاش بعيدة المنال.

في الوقت ذاته، تحتاج المملكة العربية السعودية إلى إجراء إصلاحات اقتصادية بعناية لزيادة الثقة في اقتصادها. هذه الإصلاحات تشمل جهود الخصخصة وتدابير تهدف إلى جذب المستثمرين الأجانب. كما تأمل الرياض جذب الأموال الأجنبية إلى سوق الأسهم السعودية، وهي بالفعل تقوم بطرح جزء من شركة أرامكو للاكتتاب العام الأولي.

ولكي تكون مختلف هذه البرامج فعالة، يحتاج الاقتصاد السعودي إلى أن يصبح أكثر انفتاحا وشفافية: ينبغي التخلص من التدخلات والصفقات التجارية ذات الدوافع السياسية لصالح نهجٍ أكثر تركيزا وتكنوقراطا.

وبطبيعة الحال، إذا أفرغت الرياض أصولها، فمن شأن ذلك أن يقوض جهودها لتعزيز الثقة في اقتصادها. وتواجه الرياض بالفعل مقاومة اجتماعية وسياسية كبيرة للإصلاحات المخطط لها، بينما لا يزال المستثمرين الأجانب ينظرون في الأمر.

وإذا حدث الأمر المستبعد، واستولت الولايات المتحدة أو جَمَّدت كمية صغيرة من الأصول السعودية، فإن الرياض ستبقى على قيد الحياة. لكن المملكة تواجه تهديدًا أكبر بكثير إذا فشلت في تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية المحلية التي تشتد الحاجة إليها.

طالع المزيد من المواد
طالع المزيد من المواد المنشورة بواسطة العالم بالعربية
طالع المزيد من المواد المنشورة في قسم في العمق

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

طالِع أيضًا

محمي: استعادة «الغمر والباقورة».. قمة جبل الجليد في العلاقات الباردة بين الأردن وإسرائيل

لا يوجد مختصر لأن هذه المقالة محمية بكلمة مرور. …