الرئيسية كتب ملوك النفط.. كيف غيَّرت أمريكا وإيران والسعودية ميزان القوى في الشرق الوسط

ملوك النفط.. كيف غيَّرت أمريكا وإيران والسعودية ميزان القوى في الشرق الوسط

8 second read
0

اسم الكتاب: ملوك النفط.. كيف غيَّرت الولايات المتحدة وإيران والمملكة العربية السعودية ميزان القوى في الشرق الوسط

المؤلف: أندرو سكوت كوبر

الناشر: سايمون أند شوستر (9 أغسطس 2011)

عدد الصفحات: 520

ترجمة: علاء البشبيشي

بينما ترزح الولايات المتحدة تحت وطأة الركود وارتفاع أسعار النفط، تهز الثورة منطقة الشرق الأوسط، وتواجه الدول الأوروبية مخاطر التعثر في سداد القروض، ويتأرجح العالم على شفا أزمة مالية محتملة.. هذا ليس وصفًا للحاضر، لكنه سردٌ تاريخيّ لما حدث في سبعينيات القرن الفائت؛ يقدمه أندرو سكوت كوبر في كتابه “ملوك النفط.. كيف غيّرت الولايات المتحدة وإيران والمملكة العربية السعودية ميزان القوى في الشرق الوسط”.

“ينقلنا كوبر من انتفاضات اليوم التي تهز أرجاء العالم المسلم، وحروب أمريكا في أنحاء المنطقة، إلى الماضي حيث بدأ كل شيء: ليطلعنا على مكائد السبعينيات الدبلوماسية والعسكرية المذهلة، عندما أصبح النفط لأول مرة سلاحًا عالميًا، في الوقت الذي كان فيه البيت الأبيض غاضبًا من فيتنام، وأصداء فضيحة ووتر جيت تناطح عنان السماء”، كما يقول المؤلف والصحفي باري ويرث، الذي وصف الكتاب بأنه “مهم وقوي، يقدم بحثًا دقيقًا وسردًا واضحًا، وينقل ما حدث داخل الغرف المغلقة كما لو كنتَ هناك، ويذكرنا بمدى حماقة الجهود الأمريكية للهيمنة على مجريات الأحداث في العالم، لا سيما بالاعتماد على علاقتها بالدول النفطية المتنافسة”.

ويعتبر الكتاب “دراسة هامة للغاية؛ حينما يتعلق الأمر بفهمنا لتعاملات الماضي بين أمريكا وشاه إيران والسعودية. وعملٌ لا يقدر بثمن، حينما يتعلق الأمر بفهمنا للتحولات الجيوسياسية في الشرق الأوسط خلال سبعينيات القرن الفائت”، كما كتب باول إيدون، في ديجيتال جورنال، تحت عنوان “الجغرافيا السياسية والنفط والسلطة في الخليج.. بين الأمس واليوم”.

يحكي كوبر قصة هيمنة الذهب الأسود على السياسة الأمريكية الداخلية والخارجية، وكيف انخرطت الولايات المتحدة- بعد زعزعة الاقتصاد الإيراني- في علاقة طويلة مع المملكة العربية السعودية “المستبدة”- حسب الوصف الوارد على صفحة الكتاب في موقع أمازون- استمرت حتى وقتنا هذا، ويبين بوضوح كيف تغيرت موازين القوى في الشرق الأوسط عما كانت عليه في سبعينيات القرن الفائت.

كما يقدم “إطلالة هامة على أحد أهم منعطفات العلاقة الأمريكية بالنفط، ويتميز بالتركيز والانضباط والبحث المتعمق”، بحسب برايان بلاك في كريستيان ساينس مونيتور، و”يضع العلاقة بين أمريكا وإيران تحت الميكروسكوب، لا سيما خلال إدارات نيكسون وفورد، بطريقة موحية ومثيرة للإعجاب”، على حد وصف موقع “كيركوس ريفيوز”.

ولأن فهم التاريخ حتميٌّ لإدراك الحاضر؛ أنفق أندرو سكوت كوبر وقتًا وجهدًا هائلين في فهم الدروس التي يمكن أن نتعلمها من الماضي، معتمدًا على وثائق تاريخية، ومقابلات مع بعض كبار الشخصيات حينذاك، رُفِعَت عنها السرية حديثًا؛ متتبعًا المواقف السياسية ومناورات ما خلف الكواليس، ليكشف اللثام ببراعة عن عدد من الحقائق المدهشة، مثل اقتراب أمريكا من إرسال قوات إلى الخليج لكسر الحظر العربي على النفط، وكيف عرض المسؤولون الأمريكيون بيع الطاقة النووية والوقود النووي للشاه.

حتى المقدمة، يجب أن يقرأها كل من يريد أن يفهم بشكل كافٍ كيف حاولت السعودية في الماضي القريب، وبشكل صارخ، شل الاقتصاد الإيراني من خلال إغراق السوق العالمي بمزيد من النفط، لخفض سعره، وكيف أسهم ذلك- إلى جانب سلسلة من الأحداث التي أضرت بإيران اقتصاديًا- في اشتعال ثورة صاخبة في إيران شهدت نهاية آخر شاه يحكم البلاد.

حوار مع المؤلف

ولفهم المزيد عما يجري في المنطقة الآن، في ضوء الدروس التاريخية، أجرى باول إيدون حوارًا مع المؤلف، نشرته ديجيتال جورنال بتاريخ 1 يوليو 2014، تطرق فيه لبعض النقاط الهامة، نستعرضها فيما يلي: 

الفوضى

تبدو الإطاحة برجل قوي أو زعيم مستبد للوهلة الأولى فكرة جيدة نظريًا، لكنها في واقع الأمر تطرح مشاكل حقيقية. فكيفَ لرئيس الوزراء البريطاني السابق توني بلير، أن يصرح مؤخرًا بأنه استهان بالفوضى التي ستخيم على العراق بعد الإطاحة بصدام حسين؛ وأي دارس للتاريخ كان ليخبره- ولا شك أن أحدهم فعل- بأن العراق ستتفتت طائفيًا دون سيطرة صدام. هذا بالضبط ما حدث حين قدر بعض المسؤولين الأمريكيين في عام 1979 أن الشاه يمكن أن تحل مكانه جمهورية طيِّعة محايدة وصديقة للمصالح الغربية. لكن الوقائع أثبتت أنهم كانوا مخطئين لأبعد الحدود.

البحرين

ومثلما شهدت فترة بهلوي توترات وتضارب مصالح بين السعودية وإيران، يتكرر التاريخ اليوم في ثوب توترات بين البلدين حول البحرين. ففي الماضي وضع الشاه نفسه في ورطة عام 1971عندما وافق بترك البحرين تشق طريقها بنفسها، واليوم لا يزال العديد من الإيرانيين لا يقبلون البحرين كدولة قابلة للحياة؛ باعتبارها جزءًا من بلاد فارس تاريخيًا، وتضم أغلبية شيعية. وفي المقابل أدخلت السعوديون الدبابات إلى البحرين إبان الربيع العربي لأنها لا يمكن أن تقبل بقيام دولة يهيمن عليها الشيعة، بهذا القرب.

داعش

يراهن كوبر على وجود تعاون مستمر بين الحكومتين الأمريكية والإيرانية، قائلًا: “لا ينبغي لذلك أن يمثل مفاجأة كبرى؛ فكلاهما يواجه عدوًا لدودًا (داعش). لكن الساخر تاريخيًا في غزو بوش وبلير للعراق، أنه أطاح بزعيم سني وأطلق يد إيران الشيعية، المعادية لأمريكا، في المنطقة”، وفي رأيه أيضًا أن أوباما لا يملك فهمًا سليمًا للسياسة الخارجية ولا حتى لديه رؤية عالمية.

الأكراد

في عام 1975، تعرض أكراد العراق لخيانة مأساوية من قبل إدارة فورد وشاه إيران، ثم مرة أخرى من قبل أمريكا في عام 1991، وهو ما يحتم عليهم- حسبما ينصح المؤلف- تأمين ظهورهم دائمًا. ومثلما تتصرف الدول القومية وفقًا لمصالحها الوطنية الخاصة، ينبغي على الأكراد أن يفعلوا الشيء ذاته. ويشرح الكاتب كيف كانت العلاقات بين الشاه والإسرائيليين- خاصة في المجال العسكري- بناءة وإيجابية، لكن كان ثمة توترات حقيقية، لا سيما حول مصير الأكراد، وأيضًا المصالحة مع صدام حسين والزعماء العرب الآخرين؛ حيث بدأ الإسرائيليون يشعرون بأنهم مهددون ومكشوفون.

عمان

ومن خلال بحثه الخاص في السياسة الخارجية خلال عهد بهلوي، وجد المؤلف أن إيران استخدمت عمان كساحة اختبار للتدخلات المستقبلية، لكن الرياح لم تأت بما توقعته السفن. هُزِم التمرد، لكنه استغرق وقتًا وتكلف كثيرًا. صحيح أن الشاه كان يمتلك كافة الأسلحة، لكن جنرالاته كانوا يفتقرون إلى البراعة والدراية التقنية لاستخدامها كما ينبغي.

كارتر

وفيما يتعلق بحكم التاريخ على سياسة جيمي كارتر الخارجية تجاه إيران والشاه، قال كوبر : “أنا أبحث هذه النقطة الآن في كتابي الجديد عن سقوط الشاه. لكن فريقه للأمن القومي فشل تماما في تطوير استجابة متماسكة للاضطرابات التي شهدتها إيران عام 1978. انتظروا طويلا قبل أن يبدوا اهتماما، وأرسلوا للشاه كل الإشارات الخاطئة. وللأسف اتبع فريق أوباما مسارًَا مماثلا. لكن علينا أن نكون منصفين؛ ونعترف بأن الرؤساء يحلوا لهم الاعتقاد بأن لديهم القدرة على الفعل، لكنهم في الواقع لا يمتلكون الكثير من القدرة للتأثير في مسار الأحداث التي انطلقت بالفعل. فالثورات لا يمكن احتواؤها، وأفصل ما يكننا فعله هو محاولة توجيه قوتها المتفجرة، لكن حتى ذلك لا يعدو كونه أمنيات.

التاريخ كما لم تقرأه من قبل

ومن المتوقع أن يصدر المؤلف كتابا آخر العام القادم، يصف عملية تأليفه وجمعه بأنها عمل شاقً، لكنه يتطلع لتقديم صورة تاريخية أكثر اكتمالا للثورة وسقوط الشاه، كما لم يتناولها أحد من قبل.  

وهكذا يتضح أن “ملوك النفط”- و تأريخ لعصر كنا نظن أننا على دراية به، لكننا اكتشفنا أننا لا نزال بحاجة إلى معرفة الكثير عنه.. عصرٌ لا تزال وقائعه تؤثر على الأحداث في الداخل والخارج حتى اليوم.

طالع المزيد من المواد
طالع المزيد من المواد المنشورة بواسطة العالم بالعربية
طالع المزيد من المواد المنشورة في قسم كتب

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

طالِع أيضًا

عرض كتاب “سجناء الجغرافيا: 10 خرائط تخبرك بكل ما تحتاج إلى معرفته عن السياسة العالمية”

الكتاب: سجناء الجغرافيا: 10 خرائط تخبرك بكل ما تحتاج إلى معرفته عن السياسة العالمية المؤلف…