مجتمع استفتاء كاتالونيا.. هل تحتاج الديمقراطيات الأوروبية إلى قدر أكبر من الديمقراطية؟ لـ العالم بالعربية منشور في 0 second read 0 شارك على Facebook شارك على Twitter شارك على Google+ شارك على Reddit شارك على Pinterest شارك على Linkedin شارك على Tumblr بحلول منتصف يوم السبت كانت السلطات الإسبانية قد أغلقت أكثر من نصف مراكز الاقتراع البالغ عددها 2315 في أنحاء إقليم كاتالونيا لمنع إجراء الاستفتاء الذي تعتبره الحكومة مخالفًا للدستور. بموازاة ذلك احتل آلاف من مؤيدي الانفصال 160 مدرسة ومباني أخرى اختيرت كمراكز اقتراع في المنطقة الغنية الواقعة شمال شرق البلاد لجعل استفتاء الأحد أمرًا واقعًا رغم تحذيرات مدريد. لم يكن غريبًا وسط إصرار الطرفين أن تحوّل الخلاف بين الحكومة المركزية والمسؤولين الكاتالونيين إلى أحد أكبر الأزمات التي شهدتها إسبانيا منذ وفاة الديكتاتور فرانشيسكو فرانكو عام 1975. ثم توِّج هذا العناد بإصابة 337 شخصًا على الأقل، بعضهم من قوات الأمن، إثر اشتباكات بين الشرطة المسلحة بالهراوات والرصاص المطاطي والمتظاهرين الذين أصروا على إنجاح الاستفتاء رغم مصادرة أوراق وصناديق الاقتراع. قدر أكبر من الديمقراطية؟ يرى رامان جاهانبيغلو، مدير مركز المهاتما غاندي للسلام في جامعة جيندال العالمية، أنه إذا كان هناك شيء واحد فقط تُظهِره لنا التجربة الكاتالونية فهو أن الديمقراطيات الأوروبية تحتاج إلى قدر كبير من الديمقراطية؛ لأن الكثير من الأوروبيين نسوا أن الحكم الديمقراطي ليس سلطة على المجتمع، بل قوة داخله. بعبارة أخرى، يقول: “إذا كانت الديمقراطية تساوي الحكم الذاتي وضبط النفس بالنسبة للمواطنين، فإن تمكين المجتمع المدني والقدرة الجماعية على الحكم بطريقة ديمقراطية هي المكونات الأساسية للحكم الديمقراطي. لذلك لا يمكن الفصل بين الديمقراطية واللاعنف؛ فحيثما تمارس الديمقراطية، يكون غياب العنف ومجموعة من الضمانات المؤسسية ضد المنطق الاستبدادي للدولة هي محددات قواعد اللعبة السياسية”. دكتاتورية الدولة الحديثة بيدَ أننا كلما تفكرنا في ذلك، كلما بدا هذا التعريف غير مُرضٍ وغير كامل، على حد قول جاهانبيغلو، الذي طاف بالقارئ في أروقة النقاش الفسلفي السابق للخروج بنتيجة مفادها: “أن التدخل العنيف الذي مارسته الشرطة الإسبانية لوقف أو تأجيل الاستفتاء في كاتالونيا هو بالتأكيد ليس عملا ديمقراطيا، لكنها خطوة تتخذها الدولة الحديثة لإظهار سلطتها ضد فعلٍ ديمقراطيّ وغير مؤذٍ يمارسه المواطنون”. وإذا كانت الديمقراطية ليست مجرد مجموعة من الضمانات المؤسسية، فكيف يستطيع المواطنون التفكير في السياسة اليوم والمكافحة من أجل ظهور آفاق جديدة للعمل الديمقراطي؟ تجسيد للأخلاق في المجتمع يضيف الكاتب في مقالٍ نشره موقع ذا واير الأمريكي: لا يمكن اختزال السياسة فقط في عملية انتزاع السلطة والحفاظ عليها، بل هي في الأساس كما يعتقد الفلسفة اليونان القدماء تجسيد للأخلاقيات في المجتمع. من هذا المنظور، يُظهِر الاستفتاء الكاتالوني أن تطويق الأماكن العامة الحيوية التي يحتشد فيها المواطنون داخل مدينة أو منطقة أو بلد لتجسيد المجتمع المشترك هو “تراجع للديمقراطية” التي لم يعد بإمكانها التسامح مع الحرية حين تتحوَّل من آفاق النظرية إلى واقع التطبيق. شرعنة عصيان الدستور بل يذهب جاهانبيغلو إلى حد صبغ عصيان الكاتالونيين للدستور الإسباني بصبغة أخلاقية؛ باعتباره ليس فقط تجسيدًا لـ”ممارسة التنمية الذاتية والتحول الذاتي لكاتالونيا وفق تفضيلات المواطنين، ولكن أيضا لمعالجة أوجه القصور في الديمقراطية الإسبانية”. ويختم قائلا: “كثيرًا ما قُيِّدَت الديمقراطية أو دُمِّرَت في التاريخ الحديث باسم القانون والدستور”. والحل الذي يقترحه الكاتب لا بد أن يتمخض عن “تفاعل بين عدد وافر من الإسبان والكاتالونيين لإجراء نقاش حول مبادئ العيش المشترك. ومن المؤكد أن هذا الأمر لا يمكن حسمه عن طريق الرقابة الحكومية والعنف الذي تمارسة الشرطة”.