شارك على Facebook شارك على Twitter شارك على Google+ شارك على Reddit شارك على Pinterest شارك على Linkedin شارك على Tumblr الاقتصاد المصري مدعوم بالقروض والمنح والودائع المباشرة وشحنات الوقود التي تقدر بمليارات الدولارات من السعودية والكويت والإمارات العربية المتحدة منذ الإطاحة بالرئيس السابق محمد مرسي وعزل الإخوان المسلمين من السلطة في يوليو من العام الماضي. ورغم أن مثل هذه المساعدات سمحت للسلطات المصرية ببدء إنفاقٍ طموح على البنية التحتية لتحفيز الاقتصاد، فإنها أتاحت لها أيضا تأجيل إصلاحات هيكلية مؤلمة لكنها ضرورية. لكن بالاعتماد على التمويل من الخليج، سوف تنفق القاهرة الكثير من رأس المال السياسي الخارجي دون جني ثمار إصلاح اقتصادي، واقتصاد سلس، أكثر صحة، وعلى عكس ترتيبات صندوق النقد الدولي الاحتياطية، المعابة كثيرًا – والتي تُرفَض في نهاية المطاف – فإن شروط المساعدات الخليجية المتساهلة تعني أن مصر لا تكبلها القيود التي تفرضها الشروط – على الأقل ليس بشكل مباشر -. وبعدما أُطلق على ميدان في الأقصر اسم ملك السعودية عبد الله تقديرًا لكرمه، بات بعض المصريين يعربون عن قلقهم، بسخرية، من أن الأهرامات ستكون المحطة التالية. في الوقت ذاته؛ من غير المرجح أن تخفف أعباء مصر الاقتصادية، فرغم أن مساعدات الخليج أعطت الإدارة بعض السيولة ومساحة للمناورة قصيرة الأجل، فإن عجز ميزانيتها يبلغ 14% من إجمالي الناتج المحلي، في حين من المتوقع أن يصل عجز الحساب الجاري في مصر إلى 2.9% من إجمالي الناتج المحلي هذا العام (حسب تقديرات بلومبيرج)، وتواصل فاتورة الدعم الثقيلة في وضع الميزانية تحت ضغط كبير؛ حيث تشير الأرقام الرسمية إلى أن الإنفاق الحكومي على الدعم يقدر بـ28 مليار دولار في السنة المالية 2012/2013، ذهب قرابة ثلثها إلى دعم الطاقة. بالنظر إلى محنة السكان، فإن خفضًا كبيرًا للدعم يعتبر انتحارًا سياسيًّا للحكومة الانتقالية، فبحسب الأمم المتحدة، عانى 13.7 مليون مصري – أي 17% من السكان – من عدم الأمن الغذائي في عام 2011؛ وهو الرقم الذي ارتفع وسط الاضطرابات السياسية في مصر. كما ارتفع معدل البطالة الرسمي إلى 13.3% في يونيو العام الماضي، وبشكل ملحوظ، تتراوح أعمار أكثر من ثلاثة أرباع العاطلين عن العمل بين 15 و29 عامًا، ويحتاج الاقتصاد إلى النمو بمعدل 5% سنويًّا لاستيعاب الباحثين عن عمل جديد، والذين يدخلون السوق كل عام، علمًا بأن هذا النمو لا يمكن تحقيقه. وبغية موازنة الضغوط الاجتماعية والاقتصادية جزئيًّا، انخرطت الحكومة في سياسات شعبوية، بما في ذلك زيادة مقررة في الحد الأدنى لأجور القطاع العام من 106 دولار ات إلى 174 دولارًا شهريًّا، بدءًا من يناير 2014، وتشمل التدابير الأخرى، إلغاء الرسوم الدراسية لطلاب المدارس العامة، وتخفيض 5% من أسعار السلع المدعومة. لكن هناك فقط الكثير من الإنفاق يمكن القيام به لغرس الثقة في اقتصاد تعطل بفعل أزمة سياسية واستقطاب وتظاهرات عمال، واشتباكات في الشوارع بين أنصار جماعة الإخوان المسلمين المعزولة، ومعارضيهم وقوات الأمن. ويعكس مراقبو العمل المقدار ذاته. ففي سبتمبر، كان مؤشر HSBC لمديري مشتريات القطاع الخاص غير النفطي دون مستوى 50 نقطة الذي يفصل بين النمو والانكماش. وكان على شركات النفط والغاز أن تتعامل مع حكومة مجبرة على تحويل الطاقة المنتجة محليًّا للمستهلكين المصريين بأسعار مدعومة، ودخلت شركة النفط التي تديرها الدولة – الهيئة المصرية العامة للبترول – في مفاوضات مع شركات الطاقة لإعادة هيكلة ديون الدولة الناتجة، بما يعادل 5.4 مليار دولار. ومن المستغرب قليلاً أن الاستثمار الأجنبي المباشر انخفض، فوفقًا للبنك المركزي، انخفض صافي الوارد من الاستثمار الأجنبي المباشر بنسبة 25% في السنة المالية 2012/2013 عن 2011/2012. ووجَّه النشاط الإرهابي في سيناء ووادي النيل، بجانب المشاعر القوية المناهضة للولايات المتحدة، ضربة قوية لصناعة السياحة في مصر، ونضب قطاع الورادات الأجنبية، الذي كان يحصل على 18 مليار دولار سنويًّا قبل الإطاحة بالرئيس السابق حسني مبارك. في المدى المتوسط على الأقل، ستواصل المملكة العربية السعودية والكويت والإمارات العربية المتحدة تقديم مساعدات كافية لمنع حدوث أزمة اقتصادية كاملة، وبفضل هذا الدعم؛ حلَّقت احتياطيات مصر من النقد الاجنبي قليلاً دون 19 مليار دولار منذ يوليو. وتقدر أبو ظبي، ومدينة الكويت والرياض – أكبر المنفقين الثلاثة – تمامًا أهمية مصر الإستراتيجية في المنطقة المضطربة، فبوصفها البلد الأكثر سكانًا في العالم العربي، تتمتع مصر تقليديًّا بمكانة قوية في منطقة الشرق الأوسط، وكان تأثيرها على الأحداث في غزة وإسرائيل كبيرًا على أقل تقدير، كما أن علاقة البلاد بالاقتصاد العالمي واضحة؛ حيث تمر 7% من التجارة البحرية العالمية عبر قناة السويس. أيضًا دخل مرسي وأمثاله في المعادلة، فمن دواعي سرور السلطات السعودية والكويتية والإماراتية أن تصبح الإخوان المسلمون والجهات التابعة لها في المنطقة في موقف دفاعي. وستواصل الرياض شراء صيغتها الخاصة من التأمين المالي والسياسي لمنع الإخوان من العودة إلى أحد أكثر الدول محورية في المنطقة، والتي تضبط الاتجاه في أماكن أخرى. ومع ذلك؛ فإن الحقيقة هي: رغم رغبة المملكة العربية السعودية والكويت والإمارات العربية المتحدة في مواصلة توفير الدعم الاقتصادي والمالي، من غير المرجح أن تكون السلطات المصرية قادرة على إخراج الاقتصاد من ورطته في ظل الظروف الراهنة. وسيظل التقدم ضئيلا، طالما بقيت مصر بعيدة عن التطبيع السياسي.