الرئيسية في العمق الجغرافيا السياسية لدول مجلس التعاون الخليجي (2)

الجغرافيا السياسية لدول مجلس التعاون الخليجي (2)

1 second read
0

لكي نفهم الدراما الخليجية الحالية، تنصح الباحثة في مركز ستراتفور ريفا جوچون بأخذ خطوة إلى الوراء، وتقييم الخريطة الجيوسياسية لهذه المنطقة.

تطرق الجزء الأول من هذا التقرير إلى السعودية والكويت والبحرين وعمان، ويتناول هذا التقرير الدولتين المتبقيتين في مجلس التعاون الخليجي: الإمارات وقطر.

الإمارات

دولة الإمارات العربية المتحدة، المتاخمة لمدخل بحر العرب وبالتالي تعتمد اعتمادا كبيرا على أمن مضيق هرمز، يمكن أن تمارس أحيانا البراجماتية على الطراز العماني والكويتي في التعامل مع إيران، خاصة عندما يتعلق الأمر بالمسائل التجارية.

على سبيل المثال، عندما ألقت العقوبات الاقتصادية بوطأتها على إيران، كانت دبي نقطة رئيسية لرجال الأعمال الإيرانيين الراغبين في تدشين شركات تعمل كغطاء لشركات أخرى.

لكن لدى دولة الإمارات العربية المتحدة أيضا خلافاتها العميقة مع إيران، ومخاوفها بشأن طموحاتها المتزايدة، بما في ذلك الاستيلاء على ثلاث جزر استراتيجية بالقرب من مدخل المضيق عام 1971، أي قبل يوم واحد من إنهاء البريطانيين رسميا فرض حمايتهم على الخليج وإنشاء دولة الإمارات العربية المتحدة.

ودولة الإمارات العربية المتحدة، التي تتمتع بأمان اقتصادي وسياسي أكثر من المملكة العربية السعودية، لا تهتم أيضا بالعيش تحت المظلة السعودية. بل يتوقع الإماراتيون أن تشهد الرياض في نهاية المطاف تعثرا تحت وطأة الضغوط الاجتماعية والاقتصادية والسياسية التي ستمارس على آل سعود، ما يترك مجالا في الوقت المناسب أمام دولة الإمارات العربية المتحدة كي تقدم عطاءاتها للقيادة الإقليمية.

كما يوجد لدى الإماراتيين خلافات مع السعودية بشأن بعض مشاريع التحالف، مثل حرب اليمن: في حين أن المملكة العربية السعودية، وهي الأكثر عرضة لتأثيرات الأزمة اليمنية، يجب أن تتوصل إلى تسوية مع الجماعات الإسلامية مثل الإصلاح لإدارة الشمال اليمني المقسم، فإن الإمارات العربية المتحدة لا تزال مصرة على سياستها المعادية للإسلاميين، وهي مستعدة للاستهانة بالسياسة السعودية عن طريق إشعال نيران الانفصاليين الجنوبيين في اليمن.

لكن الإمارات العربية المتحدة، باعتبارها اتحادا مكونًا من سبع إمارات، لديها أيضا انقسامات داخلية خاصة بها. وعلى الرغم من كونها دولة أكثر ليبرالية اجتماعيا وسياسيا من المملكة العربية السعودية، إلا أن هناك تفاوتات كبيرة في الثروة بين إمارتي أبو ظبي ودبي الغنيتين الجنوبيتين والإمارات الشمالية الخمس الأقل ثراء في الشمال.

خلال السنوات الأولى بعد تأسيسها، أتاحت دولة الإمارات العربية المتحدة المجال بحذر لحركات الإسلام السياسي من أجزاء أخرى في العالم العربي.

استقر النشطاء الإسلاميون في المناطق الأقل ثراء، وطوروا نفوذهم في النظام التعليمي مع نمو “الإصلاح”- الذراع الإماراتية للإخوان المسلمين. لكن مع مرور الوقت، تزايد ارتياب أبو ظبي ودبي من الطموحات السياسية للإصلاح، وهو الخوف الذي تأكد مع تفريخ الربيع العربي في أواخر عام 2011.

منذ ذلك الحين، اتخذت الإمارات العربية المتحدة الموقف الأكثر تشددا من بين دول مجلس التعاون الخليجي، وتبنت موقفًا غير متاسمح على الإطلاق تجاه حركات الإسلام السياسي في الداخل والخارج، مثل: اليمن ومصر وليبيا وسوريا.

قطر

دولة قطر، وهي عبارة عن نتوء بارز في شبه الجزيرة العربية، ذهبت في الاتجاه المعاكس.

مع وجود عدد قليل من السكان، وفي ظل الدولة الموحدة المركزة حول الدوحة، لا تعاني قطر من التوترات العرقية-الدينية  وعدم الأمن السياسي الذي تعاني منه جيرانها.

هذا المستوى من الأمان أتاح لقطر تبني خط مستقل، وسمح للدوحة بعدم تلقي أوامر من المملكة العربية السعودية أو الإمارات العربية المتحدة.

وقاومت قطر الاندماج في دولة الإمارات العربية المتحدة في عام 1971، عندما انتهت الحماية البريطانية، وفضلت أن تظل بنفسها تحت مظلة أمنية أمريكية.

في البدء ظلت الدولة الفقيرة على قيد الحياة بفضل صيد الأسماك واللؤلؤ من الأعماق خلال معظم تاريخها القصير، حتى وضعتها طفرة الغاز الطبيعي على الخريطة في أواخر التسعينيات.

وباعتبارها المنتج الرئيسي الوحيد للغاز الطبيعي في المنطقة، لدى قطر مسار واضح ومنصة طاقة مثالية تمكنها من تمييز نفسها بين الدول النفطية المجاورة ثقيلة الوزن.

ومع ازدياد هيمنة الغاز الطبيعي المسال على الصعيد العالمي، نمت محفظة قطر الاستثمارية على الصعيد العالمي، ولم تدخر الدوحة وسعا لبناء نفوذها الإقليمي لتكون قادرة على التعامل بما يفوق وزنها في الخليج.

ما أثار رعب المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة، أن الأموال القطرية تمخضت بسرعة عن ظهور قناة الجزيرة العملاقة في مجال الإعلام، ودعم الجماعات الإسلامية في مصر وليبيا وسوريا وغزة واليمن.

وعندما جلب الربيع العربي لفترة وجيزة جماعة الإخوان المسلمين إلى السلطة في مصر، كان الدعم القطري (والتركي) هو الذي مَكّن الجماعة من السيطرة على المشهد، حتى تدخل الجيش المصري.

وعندما جمدت المملكة العربية السعودية حركة حماس والإخوان المسلمين المصريين بعد الربيع العربي، وفرت قطر وتركيا ملاذًا للإسلاميين الهاربين.

وعندما وجدت السعودية والإمارات رجلًا قويًا مناهضًا للإسلاميين، هو الجنرال خليفة حفتر، قادرًا على تشكيل ليبيا بعد القذافي في الشرق، ألقت قطر بثقلها خلف الحكومة التي يقودها الإسلاميون والميليشيات في طرابلس.

كما فضلت الدوحة الحفاظ على علاقة عمل متينة مع طهران، التي تمثل أهمية حاسمة لقدرة قطر على استغلال حقول الغاز الطبيعي تحت رعاية مشتركة.

وهكذا، أينما يممت السعودية والإمارات وجهيمها، كانت هناك قوة مضادة قطرية من داخل كتلة دول مجلس التعاون الخليجي.

طالع المزيد من المواد
طالع المزيد من المواد المنشورة بواسطة العالم بالعربية
طالع المزيد من المواد المنشورة في قسم في العمق

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

طالِع أيضًا

محمي: استعادة «الغمر والباقورة».. قمة جبل الجليد في العلاقات الباردة بين الأردن وإسرائيل

لا يوجد مختصر لأن هذه المقالة محمية بكلمة مرور. …