الرئيسية ماذا بعد؟ بعد هزيمة داعش في سوريا.. ما هي الأزمة الكبيرة القادمة بين روسيا وأمريكا؟

بعد هزيمة داعش في سوريا.. ما هي الأزمة الكبيرة القادمة بين روسيا وأمريكا؟

4 second read
0

قبل عامين كاملين من هزيمة أدولف هتلر نهائيًا، كان فرانكلين روزفلت وونستون تشرشل وجوسيف ستالين قد بدأوا بالفعل محادثاتهم حول مصير أوروبا ما بعد الحرب. وحتى عندما بدا أن الانتصار النهائي موضع شك، كان الحلفاء منهمكون في تخصيص المناطق وإعادة تشكيل الحدود.

ولأن الحرب السورية ليست مجرد حربٍ أهلية تقليديّة- كما ذكرنا في تقريرٍ سابق- يُعرِب الكاتب نيكولاس ك. غفوسديف عبر مجلة ناشونال إنترست عن دهشته من تأجيل النقاشات بين الأطراف المعنية حول مستقبل سوريا بعد هزيمة تنظيم الدولة نهائيًا.

يستشهد الكاتب بالأزمة الكردية باعتبارها أول أعراض المشكلة الناتجة عن عدم تقديم إجابات حتى الآن على الأسئلة الحرجة حول “اليوم التالي” لهزيمة داعش في سوريا. أما الأمر الأكثر خطورة- من وجهة نظره- فهو استمرار احتمالية حدوث اشتباك بين الائتلافين الرئيسيين في هذا البلد الذي مزقته الحرب- أحدهما بقيادة الولايات المتحدة والآخر بقيادة روسيا – حول ترتيبات ما بعد تنظيم الدولة في سوريا.

طموحٌ وعقبتان

في عهد أوباما كان الأمل معقودًا على أن تدرك روسيا احتياجها إلى التخلي عن الأسد للوفاء بالمتطلبات الأمريكية وإجبار إيران على قبول هذا الواقع. وبعد ذلك ستكون الولايات المتحدة قادرة على إطلاق عملية من شأنها تشكيل حكومة معارضة ذات قاعدة واسعة في سوريا.

بيد أن هذا الطموح اصطدم بعقبتين:

أولاهما؛ استعداد إيران وروسيا لتخصيص أصول من القوة الصلبة لخوض القتال في سوريا، واستيعاب الخسائر للدفاع عن النظام.

ثانيهما؛ عجز الولايات المتحدة عن إنشاء قوة معارضة فعالة بإمكنها خوض المعركة ضد الأسد دون الاحتياج إلى أعداد كبيرة من القوات البرية الأمريكية.

كما أثبتت موسكو أنها أكثر مهارة في الدبلوماسية المتعددة الأطراف مما توقعته الولايات المتحدة؛ حيث استغلت القلق التركي من المساعدات العسكرية الأمريكية للأكراد، وشاركت في مفاوضات حقيقية مع دول الخليج العربية والسعودية، ما مكنها من حشد التأييد للحل الذي تفضله، وهو: الإبقاء على الأسد رئيسا رسميا لسوريا (مع سيطرة نظامه على مناطق رئيسية في البلد)، لكن مع تطوير مجالات نفوذ فعالة (تحت اسم “مناطق عدم التصعيد”) حيث يمكن لرعاة المعارضة السورية الرئيسيين، بدءا من تركيا، تأمين مصالحهم وتوفير أماكن آمنة لمؤيديهم.

صحيح أن “عملية أستانة” حققت بعض النجاح، لكن الولايات المتحدة لم تعتمد مخرجاتها كنموذج مفضل للتسوية بشأن مستقبل سوريا، وبقية اللاعبين الرئيسيين في المنطقة- خاصة إسرائيل وأيضا السعودية – لديهم تحفظات حول هذا الموضوع.

3 اختبارات جادة

بيدَ أن هذا النهج الروسي يواجه الآن بعض الاختبارات الجادة:

الاختبار الأول؛ مصير محافظة دير الزور، مركز صناعة النفط في سوريا. مَن سيتحكم في هذه الأصول الحساسة: الحكومة السورية مدعومة بقوات جوية روسية أم قوات المعارضة السورية مدعومة بالمساعدة العسكرية الأمريكية؟

إذا سيطرت الحكومة على هذه الحقول النفطية فإنها ستجني عائدات نقدية تتدفق إلى خزائن النظام في دمشق، لكن إذا سيطرت عليها المعارضة فإنها ستساعد على تعزيز موقفها التفاوضي. ورغم التواصل المستمر بين الجيشين الروسي والأمريكى لمنع أى اشتباكات بين حلفائهما أو أفرادهما على الأرض أو بين أصولهما فى الجوء، فغن ذلك لا يمنع من وقوع الحوادث.

الاختبار الثاني؛ عندما تبدأ الحكومة السورية في استعادة المواقع الرئيسية على طول الحدود العراقية، ستبرز مسألة “ممر إيران إلى البحر الأبيض المتوسط”. وفي ظل تحوُّل سياسة إدارة ترامب تجاه إيران؛ فإن منع توطيد هذا الممر سيخظة بأولوية استراتيجية مرتفعة. لكن محاولة منع القوات السورية (خاصة الوحدات الإيرانية العاملة في صفوف قوات النظام) أو إعادة تمركز قوات المعارضة مرة أخرى سيخاطر بحدوث تصادم عرضي مع الروس.

الاختبار الثالث؛ مصير الأسد نفسه. ذلك أن إدارة ترامب لم تتخلى رسميا عن موقف: “الأسد يجب أن يرحل” حتى لو كانت اقترحت أن الرحيل الفوريّ ليس أبدًا شرطا مسبقا لإجراء محادثات حول مستقبل سوريا. لكن يبدو أن موسكو حسمت رأيها في هذه المسألة: الأسد سيبقى رئيسا لسوريا. وهو ما يجعل سوريا منطقة محتملة للصراع بين سوريا والولايات المتحدة.

صحيحٌ أن تنظيم الدولة أصبح يسيطر الآن على أقل من خمسة في المئة فقط من الأراضي السورية، لكن القضاء على هذا التهديد المشترك سيزيد احتمالات المواجهة بين روسيا والولايات المتحدة.

طالع المزيد من المواد
طالع المزيد من المواد المنشورة بواسطة العالم بالعربية
طالع المزيد من المواد المنشورة في قسم ماذا بعد؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

طالِع أيضًا

مستقبل الأمن المائي في شمال إفريقيا وشبه الجزيرة العربية

* التوقعات الرئيسية: – يمكن استنزاف الجزء القابل للاستغلال من طبقات المياه العذبة ال…