الرئيسية ماذا بعد؟ تعديل الاستراتيجيات والتكتيكات.. لماذا التنبؤ بزوال داعش سابق لأوانه؟

تعديل الاستراتيجيات والتكتيكات.. لماذا التنبؤ بزوال داعش سابق لأوانه؟

2 second read
0

بعد ما يزيد قليلا عن ثلاث سنوات من اقتحام تنظيم الدولة الساحة العالمية بالاستيلاء على مساحات واسعة من الأراضي في أنحاء العراق وسوريا، حققت الحملة المناهضة للتنظيم تقدُّما كبيرًا.

لكن التنبؤات بزوال التنظيم نهائيًا سابقة لأوانها، بحسب الباحث المتخصص في العلوم السياسية، كولين ب. كلارك، الذي يرى أن ما يشهده العالم حاليًا هو انتقال، ومن نواح عديدة انتكاسة، من: (1) منظمة متمردة لها مقرات ثابتة إلى: (2) شبكة إرهابية سرية منتشرة في جميع أنحاء المنطقة والعالم.

الاضطرار إلى تغيير الاستراتيجية والتكتيك

يقول العميد أندرو كروفت، نائب قائد القوات الجوية في التحالف الدولي لمكافحة تنظيم الدولة: قيادة داعش “أكثر تصدُّعًا، وأقل قوة، وواهية ومتفرقة خلال هذه المرحلة من القتال.

ويستشهد التحليل المنشور في مؤسسة راند بتقارير عن وجود معارضة واقتتال داخلي في صفوف التنظيم، فضلا عن انخفاض الروح المعنوية في ظل تكشُّف فشل مشروع بناء الدولة.

وبالتالي، وجد تنظيم الدولة نفسه مضطرًا إلى تغيير استراتيجيته وتكتيكاته، لكنه كان يستعد استباقيًا للمرحلة التالية من الصراع.

من التمرُّد إلى الإرهاب

باختصار؛ ينتقل داعش من منظمة متمردة إلى جماعة إرهابية:

– تسيطر المنظمات المتمردة على الأرض وتحتفظ بها، وتبسط سيادتها على السكان، وتعمل في العلن كوحدات مسلحة، ويمكنها أن تشارك في التعبئة الجماهيرية.

– لا يمكن للإرهابيين القيام بأي من هذه الأمور، بل يقومون بدلا من ذلك بشن هجمات من خلال أعضاء يعملون في خلايا صغيرة، ونادرا ما يحتفظون بالأرض التي يسيطرون عليها، وإن فعلوا ذلك، فإنه يكون لفترة قصيرة جدا.

متطلبات الاستئصال التام

يتمخض عن ھذا الانتقال أن يصبح العنف الذي يرتكبه تنظيم الدولة أقل ترکیزا وأکثر تشتتا. ويتوقع أن تواصل المجموعة العمل تحت الأرض في المناطق الصحراوية شرق سوريا وغرب العراق في المستقبل المنظور، معتمدة على تكتيكات العصابات الكلاسيكية مثل القنص والكمائن والكر والفر والسيارات المفخخة والاغتيالات.

ولا يمكن أن تحقيق الاستئصال المستدام لتنظيم الدولة من المنطقة إلا بالتحالف بين قوات الأمن المحلية المختصة، بما في ذلك الشرطة والجيش القادرين على العمل داخل الجيوب السنية في العراق وسوريا.

بيد أن هذه الأنواع من الوحدات غائبة تماما في العراق، وحيثما توجد في سوريا- على سبيل المثال وحدات الحشد الشعبي- فإنها تكون في كثير من الأحيان ذات طبيعة طائفية، وبالتالي لا تكون فعالة بما يكفي في المدى القصير، وتؤدي إلى نتائج عكسية على المدى الطويل.

وكشفت أحدث استطلاعات الرأي في العراق أن 22 في المئة من العرب السنية العراقيين لا يثقون في أن الحكومة ستعاملهم كما تعامل الشيعة العرب، وهي بداية متشائمة لمستقبل العلاقات الطائفية، وأرض خصبة محتملة ليجد تنظيم الدولة موطئ قدم جديدة مستقبلا.

ما الذي يعنيه هذا التحوُّل؟

هذا التحوُّل من التمرد إلى الإرهاب سيدفع داعش إلى تحويل الموارد لتعزيز الامتيازات القائمة في أفغانستان وليبيا واليمن وشبه جزيرة سيناء المصرية.

وسيسعى التنظيم في الوقت ذاته أيضا إلى اقتحام دول فاشلة أخرى وأقاليم غير خاضعة للرقابة متعاطفة مع أيديولوجيتها السلفية الجهادية، من شمال القوقاز إلى جنوب شرق آسيا.

ويرجح التحليل أن يتضمن جزء من استراتيجية داعش المنقحة تركيزا متجددا على التخطيط والقيام بهجمات مثيرة في الغرب، كجزء من محاولته جذب الانتباه وإثبات أن التنظيم قادر على الصمود في وجه القمع.

تحقيقا لهذه الغاية، قد يعتمد داعش بشكل كبير على تركيا كمركز لوجستي، مستغلة قربها الجغرافي من أوروبا كقناة لضخ المقاتلين الذين يحاولون التسلل إلى الغرب.

ومن المرجح أن يستمر داعش في استخدام الاتصالات المشفرة لتوجيه الهجمات الإرهابية في الخارج، حتى عندما تتحول إلى كيان أقل مركزية.

وكما أشار خبيرا مكافحة الإرهاب شارلي وينتر وهارورو إنجرام مؤخرا إلى أن داعش أثبت براعة متزايدة في إلباس إخفاقاته ثوب النجاحات.

وفي المقابل فشل الغرب فشلا ذريعًا في معركة الخطاب، مما سمح لـ داعش وجماعات إرهابية أخرى بامتلاك زمام المبادرة في الترويج لدعايتها.

وهو ما دفع الباحث إلى نصيحة الحكومات الغربية بتخصيص مزيد من الموارد لعمليات الاتصالات الاستراتيجية والمعلومات التي تهدف إلى الحد من تأثير الرسائل الإرهابية.

الاستراتيجية الصحيحة

الاعتراف بانتقال داعش من تنظيم متمرد إلى شبكة إرهابية أمر بالغ الأهمية في نظر كلارك لصياغة الاستراتيجية الصحيحة وتخصيص الموارد المناسبة اللازمة للقتال بهدف هزيمة التنظيم في نهاية المطاف.

ولأن التمرد والإرهاب ليسا الشيء ذاته، فإن أهداف مكافحة التمرد ومكافحة الإرهاب مختلفة أيضا. لذلك يلفت الباحث إلى أن المقاربات الدقيقة لمحاربة خصوم يمتعون بدرجة عالية من القدرة على التكيف تتطلب مزيجا مختلفا من الأدوات- العسكرية، والشرطية، والدبلوماسية، والاقتصادية- من أجل مواجهة فعالة لحملة العنف التي يقوم بها تنظيم الدولة.

طالع المزيد من المواد
طالع المزيد من المواد المنشورة بواسطة العالم بالعربية
طالع المزيد من المواد المنشورة في قسم ماذا بعد؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

طالِع أيضًا

مستقبل الأمن المائي في شمال إفريقيا وشبه الجزيرة العربية

* التوقعات الرئيسية: – يمكن استنزاف الجزء القابل للاستغلال من طبقات المياه العذبة ال…