شارك على Facebook شارك على Twitter شارك على Google+ شارك على Reddit شارك على Pinterest شارك على Linkedin شارك على Tumblr ترجمة: علاء البشبيشي “من العراق إلى نيجيريا، تتسع الثقوب السوداء وتزدهر جماعات الموت”.. بهذه الجملة استهل جون سيمبسون موضوع غلاف مجلة نيوستيتسمان تحت عنوان “صيف الدماء”، مشيرًا إلى أن التطورات المتلاحقة حول العالم تشجع الولايات المتحدة على تبني سياسة أكثر انعزالية، بعدما أرهقتها حروب الماضي وصراعات الحاضر. بينما تجتاح الشرق الأوسط الآن موجة عنفٍ لا تكاد تُصَدَّق، وتواصل روسيا تهديد أوكرانيا، أصبحت المعضلة الأمريكية أكثر حدَّةً من أي وقت مضى. وبمرور الوقت أصبح شرطي العالم أكثر ضجرًا من المسئوليات والأعباء الملقاة على كاهله في عالم تمزقه الصراعات وحروب النُّدْرَة. وإذا تخلت الولايات المتحدة عن الطموحات الإمبريالية المبالغ فيها، فإنها ستتراجع إلى نوع من الانعزالية، في وقتٍ تعاود الصين والهند وروسيا الصعود لتحدي هيمنة واشنطن. حتى أن الرئيس الأمريكي باراك أوباما اعترف مؤخرًا بأنه لا يمتلك استراتيجية للتعامل مع صعود “داعش”، التي تستمر في قطع رؤوس الرهائن الغربيين. بالإضافة إلى ذلك فإن ثورة الغاز الصخري توفر للولايات المتحدة اكتفاءً ذاتيا من الطاقة، وبالتالي تجعلها أقل اعتمادا على الأنظمة الاستبدادية الغنية بالنفط والغاز في الشرق الأوسط، وهو ما يشجعها أكثر على الانعزالية. أضف إلى ذلك أن القوى الغربية مكبلةٌ بتجاربها في العراق وأفغانستان والأزمة المالية والركود الذي أعقبها، فضلا عن اندفاعها الفاشل في ليبيا- وإن حرص أوباما على القيادة من الخلف؛ فبمجرد أن تخلصت الدولة الصحراوية من عائلة القذافي الشريرة، تمزقت أشلاء مثلما الحال في مساحات من العراق وسوريا. وهكذا يبدو أن الغرب يخوض صراعا جدليًا: فبعد التدخل المتواضع في حروب البلقان ورواندا خلال التسعينيات، جاء دور التدخُّل المُفرِط في العراق وأفغانستان في أعقاب هجمات سبتمبر، وهو ما أدى بدوره إلى التدخل في سوريا.. وكلا النهجين أثبت فشلا ذريعا. في تقريرٍ من شمال أفغانستان، قِوَامُه 18 صفحة لـ جون سيمبسون، محرر الشئون الدولية في بي بي سي، إشارة إلى أن “العراق وسوريا وليبيا وأفغانستان ونيجيريا، بطريقة أو بأخرى، تواجه خطر التحول إلى ثقوب سوداء، قد تصبح تربة خصبة لازدهار الجماعات الأكثر شرًا. والحل الوحيد الجاد هو تحويلها مرة أخرى إلى دول حقيقية؛ لكن هذا يحتاج إلى التزام طويل الأمد من الدول الغربية ذات المصلحة، خاصة- وليس حصرًا- الولايات المتحدة وأوروبا. وبالطبع لا يمكن تحقيق ذلك من بإطلاق النار، وبضع غارات صاروخية”. نحن نعيش أوقاتًا خطيرة وغير مستقرة، وأصبح صراع اليوم لا يختلف كثيرًا عن نظيره بين الإمبراطوريات المتنافسة على الموارد في القرن التاسع عشر. الجديد هو وحشية التطرف الراهن، والتهديد الذي يمثله لأمن الديمقراطيات الأوروبية. لذلك لم يعد من الممكن الاعتماد على الولايات المتحدة لتقوم بدور شرطي العالم الوحيد. فالتهديدات التي نواجهها- من التغير المناخي إلى الحرب الباردة الجديدة- شديدة التعقيد. ولا توجد حلول بسيطة لهذه الأزمات الحالية. وأفضل فرصة للدول الديمقراطية هي مضاعفة جهودها للعمل معا بشكل أكثر فعالية من خلال المنظمات متعددة الأطراف في محاولة لإخماد لهيب الصراعات التي احتدمت طوال هذا الصيف الدموي.