شارك على Facebook شارك على Twitter شارك على Google+ شارك على Reddit شارك على Pinterest شارك على Linkedin شارك على Tumblr “ما يجري في غزة هو حرب استنزاف بين حماس وإسرائيل، يعرف كلاهما أنها ستنتهي باتفاق تهدئة جديد، لكنّ كلا منهما ينتظر أن يطرفَ الآخر أولًا، ويدعو إلى هدنة”. هذا ما رجَّحه المراسل العسكري المخضرم رون بن يشاي في مقاله المعنون “من ستطرف عينه أولا؟”، وتلقَّى بسببه نقدًا لاذعًا من المعلقين على مقاله في صحيفة يديعوت أحرونوت؛ ما بين واصفٍ إياه بالغبي والمرتزق، وموجِّهٍ إليه شتائم بذيئة. لم يشذّ سوى معلقٌ أشيب أعرب عن قلقه من أن الغزو البري قد يعقبه صدور تقرير “جولدستون” آخر يتهم إسرائيل بأنها معتدية. الأهم من ذلك، ما نقله بن يشاي عن .. الأهداف التي كلَّفت الحكومة الإسرائيلية الجيش بتحقيقها وهي: (1)الوقف الكامل لإطلاق الصواريخ على إسرائيل (2)ترميم الردع المتآكل ضد جميع المنظمات الإرهابية في غزة (3)إلحاق أضرار جسيمة بقاذفات الصواريخ، خصوصًا بعيدة المدى، ما يُصَعِّب إنتاج هذه الصواريخ مستقبلًا، ومنع إطلاقها على إسرائيل بأعداد كبيرة. (4)الحد من السلطة السياسية لحركة حماس ونفوذها في الساحة السياسية الفلسطينية (5)إنهاء هذه المهام دون الإضرار بشرعية إسرائيل دوليًّا وهنا ملاحظتان: (1) هذا اعتراف إسرائيلي صريح بأن قوة الردع الإسرائيلية تآكلت وتحتاج إلى ترميم. وهو يهدم ما ورد في “التقييم الاستخباراتي الإسرائيلي لعام 2014“، عن “ارتداع الإرهاب”؛ بسبب “استخبارات جيش الدفاع الإسرائيلي وقدراته العملياتية”، إلى جانب عوامل أخرى منها “السياسة الأمنية للنظام الجديد في مصر”. (2) بإعلان هذه الأهداف، تكون إسرائيل قد وضعت المقاييس التي يمكن بسهولة استخدامها لاحقًا لتقييم نجاح أو فشل عمليتها المسماة “الجرف الصامد”؛ وما على القارئ سوى الاحتفاظ بهذه القائمة حتى تضع الحرب أوزارها، وينجلي الغبار؛ فيرى أَصَمَدَ جرف إسرائيل أم انهار. جهوزية حماس ضد تردد إسرائيل وفي مقابل تأكيد مصادر سياسية وأمنية أن إسرائيل قادرة على تحقيق هذه الأهداف- بحسب بن يشاي- شريطة أن تصبر وتغرس في قلوب مواطنيها الثقة في قدرة الجيش الإسرائيلي والمخابرات على تحقيق هذه الأهداف بالكامل – في مقابل ذلك – أكد المراسل العسكري يوسي يهوشواع، في مقال آخر بعنوان “ضربة الجيش الإسرائيلي الأولى المترددة” أن حماس كانت مستعدة جيدًا للصراع، بأنفاقٍ هجومية وقدرة على التسلل إلى إسرائيل من البحر والجو، وأطلقت وابلًا كثيفًا من الصواريخ على مدن الوسط والجنوب، واضطرت نصف الإسرائيليين إلى اللجوء للمخابئ، ولا يستبعد أن يكون في جعبتها المزيد من المفاجآت، بعكس الجيش الإسرائيلي الذي استهل ضرباته بتردد، وفوَّت الفرصة لضرب الترسانة الصاروخية للمنظمة واستهداف قادتها، ولم تخرج من جعبته أي مفاجآت، ولم يقدم سوى نتائج متواضعة حتى الآن. بينما كان من المفترض أن يحضر الجيش الإسرائيلي لهذه المعركة، بالاعتماد على معلومات استخباراتية أفضل؛ من أجل إنهاء الجولة بأسرع وقت ممكن وإبعاد نصف إسرائيل عن دائرة الخطر. وبالمقارنة بين هذه العملية، وسابقاتها، يرى يهوشواع أن الأهداف الفلسطينية التي تضررت أقل، والقلق المثار على الجانب الإسرائيلي أكثر. صعوبة التوغل البري صحيحٌ أن القادة الإسرائيليين أعلنوا أن غزوًا بريًا قد يكون وشيكًا، وقال وزير الاستخبارات الإسرائيلي يوفال شتاينتز: “سيكون علينا السيطرة على غزة مؤقتًا لأسابيع؛ لقطع الإمدادات عن هذا الجيش الإرهابي”، وأشار بن يشاي إلى أن “التوغل البري يمكن أن يكون أحد وسائل تحقيق هذه الأهداف، وهو ما يجري حاليًا التفكير فيه بجدية والتخطيط له، بموازاة تدريب القوات النظامية واستدعاء الاحتياط”، لكن بن يشاي استدرك قائلًا: “لا يزال من غير الواضح ما إذا كان التوغل البري ضروريًا، رغم أن التجارب السابقة أثبتت أن تحقيق الأهداف لن يتحقق بشكل كامل بدون عملية برية”، بل اعترف شتاينتز شخصيًا، في التصريح ذاته الذي أدلى به لراديو الجيش، بأن عملية كهذه ستكون “صعبة ومعقدة ومكلفة”. قطع الغاز والكهرباء وبينما كان راديو الجيش الإسرائيلي ينقل وعيد وزير الدفاع الإسرائيلي: “سنواصل ضرب حماس والجماعات الإرهابية الأخرى في غزة، جوا وبرًا وبحرًا، وستدفع حماس ثمنًا باهظًا جدا. نحن نقوم بتدمير الأسلحة، والبنى التحتية للإرهاب، وأنظمة القيادة، ومؤسسات حماس، ومباني النظام، ومنازل الإرهابيين، وقتل الإرهابيين في مختلف صفوف القيادة”. بموازاة ذلك كان نائب وزير الدفاع داني دانون (ليكود) يطالب مجلس الوزراء الأمني باتخاذ قرار بقطع الغاز والكهرباء عن غزة، قائلًا: “توريد الكهرباء والوقود إلى قطاع غزة يجب أن يتوقف؛ فمن غير المعقول أن نكون في حرب مع حماس، ثم في الوقت ذاته نزودهم بالكهرباء والوقود المستخدمَيْن في إطلاق الصواريخ علينا”. ويبقى السؤال: هل ما تشهده غزة الآن حرب استنزاف، يخفف البعض من وطأتها بوصفها “لعبة عض أصابع”، أم أنها تمهيد لتوغل بريٍّ موسع يستهدف ضرب قدرات حماس على الأرض وقطع إمداداتها؟ وحدها الأيام، وربما الساعات، القادمة كفيلة بالإجابة عن هذا السؤال. وحتى ذلك الحين سنحتفظ بقائمة الأهداف الإسرائيلية المشار إليها أعلاه في الذاكرة، انتظارًا لموعد تقييم العملية برمتها. ساسة بوست