الرئيسية ماذا بعد؟ حصار هادئ.. تركمانستان بين الركود السياسي والتحديات الاقتصادية والتهديدات الأمنية

حصار هادئ.. تركمانستان بين الركود السياسي والتحديات الاقتصادية والتهديدات الأمنية

2 second read
1

ولاية رئاسية ثالثة

تشير المعطيات الأولية إلى اقتراب رئيس تركمانستان قربانجلي بردي محمدوف (59 عامًا) من الفوز بفترة ولاية ثالثة في انتخابات الرئاسة التي تجري اليوم.

يأتي ذلك بعدما عدَّلت تركمانستان الدستور العام الماضي لإلغاء الحد الأقصى لعدد فترات ولاية الرئيس، ما يمهد الطريق أمام “محمدوف” ليكون رئيسا مدى الحياة.

يأتي ذلك بعد عشرين عاما قضى الرجل نصفها على رأس الدولة منذ وفاة الرئيس السابق صابر مراد نيازوف في عام 2007، ونصفها الآخر في منصب وزير الصحة.

اعتياد الاستمرارية السياسية

لم تكن الانتخابات أبدًا تنافسية في هذا البلد الواقع في آسيا الوسطى، بين أفغانستان من الجنوب الشرقي، وإيران من الجنوب والجنوب الغربي، وأوزبكستان من الشرق والشمال الشرقي، وكازاخستان من الشمال والشمال الغربي، وبحر قزوين من الغرب.

في النهاية، حصل “محمدوف” على 89% من أصوات الناخبين في عام 2007 (رسميا، على الأقل) و97% في عام 2012.

وكان يحكم البلاد قبله “نيازوف”؛ الرئيس سيء السمعة الذي تولى السلطة بعد الاستقلال عقب انهيار الاتحاد السوفيتي حتى وفاته في عام 2006.

ومن الواضح أن تركمانستان اعتادت هذه الاستمرارية السياسية، وبالتالي لم يكن هناك ما يدعو للاعتقاد بأن هذه الانتخابات سوف تغيّر ذلك.

استقرار لافت.. لكنه غير مستدام

هذا النوع من الاستقرار السياسي فريد من نوعه إلى حد ما بين دول آسيا الوسطى:

– لم تشهد تركمانستان أي ثورة أو حرب أهلية في تاريخها الحديث، مثلما حدث في قيرغيزستان وطاجيكستان.

– ولم يولّد عدم الاستقرار حالة من الضعف أسفرت عن هجمات مسلحة، كما حدث في كازاخستان وأوزبكستان.

لكن هذه العوامل لا تضمن استقرار تركمانستان إلى أجل غير مسمى.

صعوبات اقتصادية وتهديدات أمنية

على الرغم من أن الحكومة لا يرجح أن تواجه منافسة سياسية كبيرة في أي وقت قريب، إلا أنها بدأت تتعامل مع تحديات متزايدة على الصعيدين الأمني والاقتصادي، من شأنها أن تشكل اختبارا قويا لهيمنتها على طول الطريق.

تواجه صعوبات في فتح أسواق جديدة لصادراتها من الغاز الطبيعي، وهو مصدر هاما لإيرادات الدولة، مما يحرمها من النفوذ لدى المشترين الحاليين.

كما أن السخط الاجتماعي تجاه الحالة الاقتصادية قد يفاقم التحدي الذي تشكله التهديدات الأمنية الممتدة من تركمانستان المجاورة الأقل استقرارا، بحسب توقعات ستراتفور.

في البدء كان “الغاز”

تاريخيا، ما عزز الاقتصاد التركماني في المقام الأول كان الغاز الطبيعي؛ حيث تتربع تركمانستان على نحو 32 تريليون متر مكعب من الغاز الطبيعي، أي أنها تمتلك سادس أكبر احتياطي في العالم.

في ظل السوق المحلية الصغيرة، كانت تركمانستان قادرة على تصدير معظم إنتاجها: في عام 2014، على سبيل المثال، باعت الدولة قرابة 41.6 مليار متر مكعب من ناتجها الإجمالي الذي يقدر بـ69.3 مليار متر مكعب إلى الخارج، ما وفر عائدات كبيرة للخزينة الحكومة.

لكن في عام 2015، بدأت هذه الميزة تتلاشى؛ حيث انخفضت صادرات الغاز الطبيعي إلى 38.1 مليار متر مكعب بالرغم من أن الإنتاج ارتفع في الواقع إلى 72.4 مليار متر مكعب، وهو ما يعكس التغيرات الإشكالية في أسواق التصدير التي تتعامل معها تركمانستان.

تنويع أسواق تصدير الطاقة

استشرافا للمستقبل، سيستمر قطاع الطاقة في كونه أكبر محدِّد للآفاق الاقتصادية في تركمانستان. لذلك منحت الحكومة الأولوية للمشاريع التي تهدف للمساعدة في تنويع أسواق تصدير الطاقة كوسيلة لتخفيف اعتمادها على المشترين التقليديين.

أحد هذه المشاريع هو خط أنابيب تركمانستان-أفغانستان-باكستان-الهند، الذي يهدف إلى نقل الغاز الطبيعي من بحر قزوين عبر البلدان المذكورة، لكن ثمة إشكاليات أمنية وتمويلية تعرقل هذا المسار.

مشروع محتمل آخر هو خط الأنابيب الذي يمر عبر بحر قزوين لنقل الغاز الطبيعي التركماني إلى أذربيجان، وربما يرتبط مع خطوط أخرى تسمح بوصول الصادرات إلى أوروبا، لكنه أيضًا مرتبط بترسيم الحدود البحرية بين دول بحر قزوين الساحلية، وهو الاتفاق الذي من مصلحة روسيا وإيران عرقلته.

تهديدات أمنية داخلية وخارجية

الضغوط الاقتصادية المتزايدة في تركمانستان تتواكب مع تزايد التهديدات الأمنية. صحيحٌ أن الاحتجاجات في البلاد عادة ما تكون نادرة جدا، نظرا لعدم وجود معارضة متماسكة، وحكومة مركزية تدعمها الأجهزة الأمنية واسع الانتشار. لكن تدهور الأوضاع الاجتماعية-الاقتصادية جعلت الحكومة أكثر عرضة لمواجهة معارضة شعبية.

كما أن ثمة مؤشرات على تزايد وجود مسلحين ينتمون إلى تنظيم الدولة وغيرها من الجماعات في شمال أفغانستان، يصل عددهم إلى 10 آلاف مقاتل في المنطقة، حسب تقديرات بعض المسئولين في آسيا الوسطى.

صحيح أن من مصلحة هؤلاء المسؤولين تضخيم خطر المتشددين كمبرر لقمع خصومهم السياسيين، إلا أن هجمات وقعت بالفعل ضد قوات حرس الحدود، بما في ذلك في المحافظات المتاخمة لتركمانستان.

طالع المزيد من المواد
طالع المزيد من المواد المنشورة بواسطة العالم بالعربية
طالع المزيد من المواد المنشورة في قسم ماذا بعد؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

طالِع أيضًا

مستقبل الأمن المائي في شمال إفريقيا وشبه الجزيرة العربية

* التوقعات الرئيسية: – يمكن استنزاف الجزء القابل للاستغلال من طبقات المياه العذبة ال…