في العمق دول الخليج ليست جاهزة للتعاون الدفاعي.. لماذا؟ لـ العالم بالعربية منشور في 0 second read 0 شارك على Facebook شارك على Twitter شارك على Google+ شارك على Reddit شارك على Pinterest شارك على Linkedin شارك على Tumblr ترجمة: علاء البشبيشي سيظل التعاون الدفاعي في منطقة الخليج مجرد وهمٍ دون بناء مزيد من الثقة وتوثيق العلاقات السياسية أكثر بين الدول الست الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي.. هذا النقاش قديمٌ قِدَم مجلس التعاون الخليجي ذاته. لكن لسبب ما يبدو أن واشنطن نسيت أن الأمر سيستلزم ما هو أكثر من مجرد توفير تكنولوجيا ومعدات لشركائها في الخليج كي يعملوا سويا ضمن إطار الأمن الإقليمي الفعال الذي تفضله الولايات المتحدة. لكن لكي نكون منصفين، توجد بعض النقاط المضيئة؛ فعلى صعيد الدفاع الجوي والأمن البحري قطعت دول الخليج، بالتنسيق مع أمريكا، أشواطا هامة. وبالتعاون مع الشركاء الدوليين عملت دول الخليج بشكل جماعي لمكافحة القرصنة وضمان حرية التجارة. كما أنها مستمرة في تطوير منظومة الدفاع الجوي الإقليمي المشترك. لكن إذا كان ثمة نموذج واحد للفشل بين دول الخليج، فهو نظام الدفاع ضد الصواريخ الباليستية؛ ذلك أن الدفاع الصاروخي هو أحد أعقد العلوم، وسوف يستغرق بعض الوقت قبل أن يصبح بالإمكان نشر نظام متكامل في منطقة الخليج قادر على الاستجابة بفعالية للصواريخ الإيرانية المتطورة من الطراز الباليستي وكروز. علاوة على ذلك، لا تفي الولايات المتحدة بتعهدها حيال مساعدة شركائها الخليجيين للعمل سويا بالتعاون مع القوات الأمريكية. فأمريكا لديها كافة أنظمة ربط البيانات، لكنها تستأثر بمعظمها لنفسها، ما يخلق مشكلة تتعلق بـ”المصداقية التوافقية”. وفي المقابل سئم الشركاء الخليجيون من محاضرات واشنطن حول الأهمية الحرجة للتوافقية (هم بالفعل أدركوا ذلك)؛ لأن في كل مرة يطلبون أدوات الدفاع الأمريكي اللازمة لتحقيق مستويات أعلى من التوافقية، تقف البيروقراطية الأمريكية حجر عثرة في طريقهم- أو يحدث ما هو أسوأ؛ تؤجل واشنطن استجابتها إلى أجل غير مسمى. لكن دعونا لا نخدع أنفسنا، فحتى لو أصلحت واشنطن نظام ضوابط تصديرها، وتبنت نهجا أكثر استراتيجية حيال المبيعات العسكرية الخارجية، ووفرت جميع البرامج والأجهزة المطلوبة لتطوير قدرات شركائها الخليجيين القيادية والاستخباراتية والرقابية والاستطلاعية، فستظل السياسة الخليجية تقف حجر عثرة في طريق التكامل بشأن نظام الدفاع ضد الصواريخ الباليستية. فبينما تتطلب منظومة الدفاع الصاروخي الفعالة في الخليج، أولا وقبل كل شيء، نظامًا استخباراتيًا متكاملًا ونظامًا مشتركًا للإنذار المبكر، لكن دول مجلس التعاون الخليجي لا تتفق حول شكل هذا النظام، ولا تتشارك ما يكفي من معلومات فيما بينها. وإذا كانت السعودية والإمارات العربية المتحدة تؤمنان بقوة أن قطر طعنتهما من الخلف من خلال دعمها لجماعة الإخوان المسلمين، فلماذا يثقون بأي شكل في استعداد الدوحة للتعاون بشأن الجوانب الأمنية الأكثر حساسية، بما في ذلك الدفاع الصاروخي؟ تخيل هذا السيناريو الافتراضي: إيران تطلق صاروخا على المملكة العربية السعودية، وأول دولة خليجية تعترضه هي قطر. ونظرا لمستوى العداء والتوترات التاريخية بين البلدين، هل “سيتلقى القطريون الرصاصة” (في صدورهم بالنيابة عن السعوديين)، كما يتساءل القائد السابق للأسطول الخامس الأمريكي كيفين ج. كوسجريف؟ الإجابة ليست واضحة تماما. ويتطلب التكامل في مجال الدفاع الصاروخي الباليستي التزامًا سياسيًا جادًا من دول الخليج حيال التدريبات التعاونية، ويفضل أن يتم ذلك في إطار شراكة مع الولايات المتحدة. صحيحٌ أن دول الخليج ستستفيد أيضًا من التفكير بشكل جماعي حول مفاهيم العمليات والتكتيكات والتقنيات والإجراءات، لكن لا شيء من ذلك سوف يحدث اليوم (لا في واشنطن ولا في المنطقة)، وذلك ليس فقط لأن هناك تحديات تنظيمية ومؤسسية أو قصورًا فكريًا وتحليليًا بين القيادة العسكرية الخليجية والفريق العامل. فبالإضافة إلى انعدام الثقة، تكمن القضية الحقيقية في أن أعضاء مجلس التعاون الخليجي لا ينظرون إلى التهديد الإيراني بالطريقة ذاتها. صحيحٌ أن أحدهم لن يكون سعيدًا بإيران النووية، بيدَ أن السعودية والإمارات والبحرين هم وحدهم من يشعرون بالقلق من النفوذ الإيراني الضار في المنطقة. أما قطر فقد لا تشعر بالارتياح الكامل حيال التسلط الإيراني في المنطقة، لكنها تستطيع التعايش معه، لكنها أكثر قلقا بكثير من التهديدات القادمة من السعودية على استقرارها الداخلي مقارنة بإيران. والكويت لا تبالي بالنوايا والقدرات الإيرانية، رغم ما يقوله القادة الكويتيون عن طهران. وبعدما توسطت بعمان بين إيران والغرب لسنوات، ليس سرًا أن مسقط أكثر تقاربا مع طهران من بقية جيرانها العرب. لا أحد يتوقع أن تتوحد الدول العربية الخليجية أو تتفق حول كافة القضايا. فسفينة الوحدة بين دول مجلس التعاون الخليجي أبحرت بالفعل منذ زمن طويل. لكن ثمة اختلاف كبير بين الخلاف وعدم الثقة، ومن الواضح أن الواقع يتعلق أكثر بالثقة. فبإمكان الولايات المتحدة بيع أسلحة لدول مجلس التعاون الخليجي باعتبارها كتلة واحدة، كما قال وزير الدفاع تشاك هيجل في العاصمة البحرينية المنامة في ديسمبر عام 2013، لكن في الواقع هذا لا يغير شيئا من حقيقة أن العلاقات الثنائية بين الولايات المتحدة وشركائها الفرديين في الخليج هي المسألة التي تمثل أهمية أكثر من غيرها. وليس بإمكان أمريكا فعل الكثير، بل القليل جدا، لإصلاح الخلاف السياسي الخليجي. وحدها دول الخليج بإمكانها فعل ذلك، لكن لا يبدو أن هناك أي شعور بالحاجة الملحة للقيام بذلك. شؤون خليجية