في العمق زلماي خليل زاد: دروس حرب العراق التي ينبغي تطبيقها في سوريا لـ العالم بالعربية منشور في 4 second read 0 شارك على Facebook شارك على Twitter شارك على Google+ شارك على Reddit شارك على Pinterest شارك على Linkedin شارك على Tumblr Middle East ترجمة: علاء البشبيشي توفر حرب العراق دروسًا مهمة للحرب الأهلية الدائرة حاليًا في سوريا. لكن مع دعوة البعض إلى تدخل أمريكي أكبر لمواجهة تهديد تنظيم الدولة، ثمة شيء واحد ينبغي أن يكون واضحًا، انطلاقًا من تدخل الولايات المتحدة في العراق: أن مؤسسات الدولة، والقوات المسلحة، على وجه الخصوص، تمثل أهمية حقيقية. فبعد كل شيء، لا تزال تداعيات حل القوات المسلحة العراقية واسعة النطاق قائمة حتى يومنا هذا. يتذرع البعض بأن الجيش العراقي تفكّك بالفعل عندما دخلت القوات الأمريكية بغداد، وما فعلته الولايات المتحدة ببساطة كان إضفاء شكل معين ما حدث في الواقع فعلا. ويرى هؤلاء عدم واقعية استدعاء الجيش القديم، الذي كان مواليا لصدام، وعارض الغزو الأمريكي، ولن يخوض قتالا لصالح سلطة الاحتلال. بيدَ أن النقاد، مع ذلك، يردون بأن الجيش الأمريكي هو الذي طالب، في الواقع، أفراد الجيش العراقي بالعودة إلى ديارهم، والبقاء بعيدًا عن القتال. في حين إذا كانت الولايات المتحدة دعتهم إلى العودة، وعرضت عليهم رواتب، فربما كان كثيرون منهم سيعودون ويساعدون في استعادة الأمن بدلا من الانضمام إلى التمرد. ويستشهد هؤلاء بأن قرار عدم دفع رواتب الجنود بعد الغزو مباشرة كان من بين الأسباب الأكثر أهمية التي دفعت الضباط والجنود إلى النفور من الحكومة الجديدة. وفي كلتا الحالتين، مع انهيار مؤسسات الدولة العراقية لم يكن بإمكان الولايات المتحدة أن تمنع ظهور فراغٍ خطير في السلطة. استغلت المليشيات الشيعية- التي يرتبط كثير منها بعلاقات قوية مع إيران- هذا الفراغ، واستخدمته كفرصة للانتقام من الضباط العرب السنة الذين قاتلوا في الحرب العراقية-الإيرانية، كما ضد النخبة السنية الأوسع. هذه النخبة وجدت نفسها محاصرة ليس فقط بوكلاء إيران ولكن أيضًا باللجنة السياسية التي يهيمن عليها الشيعة، كجزء من قرار اجتثاث البعث بموجب سلطة الاحتلال، والتي أشرفت على تطهير البلاد من البعثيين السابقيين. حتى التكنوقراط والمعلمين الذين لم تتلوث أياديهم بالدماء لم تُكتَب لهم النجاة من هذا المصير. ونتيجة لذلك، نظَّم هؤلاء السنة العرب الغاضبون، بدعمٍ من بعض الدول العربية الأخرى، مجموعات متمردة. كما تمخضت هذه الظروف عن صعود تنظيم القاعدة في العراق، الذي أصبح لاحقًا سلفًا لتنظيم الدولة. صحيحٌ أن التسويات الأمريكية جلبت درجة نسبية من الاستقرار إلى العراق بحلول عام 2011، وأحرزت أمريكا تقدما سياسيا بنقل السيادة إلى العراق، وتعزيز الميثاق الوطني، وتقاسم السلطة بين الطوائف العراقية، والتواصل مع السنة. لكن انسحاب القوات الأمريكية في عام 2011 خلق فراغا جديدا لدرجة تفكك الجيش العراقي مرة أخرى؛ بما سمح للمتطرفين والإرهابيين السنة والمليشيات الشيعية بتحقيق تقدم كبير. وإذا تقدمنا سريعًا وصولا إلى اليوم، يتضح أن حكومة حيدر العبادي، في حين تخوض صراعًا مع إرث أسلافها من السياسات الطائفية والسلطوية، فإنها لم تحرز سوى نجاح محدود في احتواء الصراع الطائفي. – حسنًا.. ما الذي يعنيه ذلك كله بالنسبة لسوريا؟ – للأسف، سوريا في طريقها لتكرار التجربة العراقية. صحيحٌ أن الجيش لا يزال قائمًا، لكنه تدهور بشكل خطير بسبب طبيعة الحرب الطائفية، وهجماته العشوائية ضد مراكز المدنيين العرب السنة. ولأن كثيرًا من السنة هجروا الجيش، فسوف تكون هناك حاجة لعملية إصلاح كبيرة إذا حدثت تسوية في المستقبل. لكن دون التوصل إلى تسوية في المدى القريب، فقد ينهار الجيش أيضًا، حيث أصبح ما تبقى منه عبارة عن مليشيات علوية. كل هذا يشير إلى أن بناء السلام في سوريا- كما كان الحال في العراق- سيتطلب اتباع نهجٍ شامل يدمج بين العناصر العسكرية والأمنية والسياسية والإنسانية. وحتى يتم ذلك بنجاح، ينبغي اتخاذ خمس خطوات فاصلة: (1) معالجة الأزمة الإنسانية في البلاد، التي تمثل رافدًا للمتطرفين والإرهابيين، وتزعزع استقرار المنطقة وما وراءها. هذا لا يتطلب فقط زيادة المساعدات الإنسانية ولكن أيضًا إنشاء مناطق حظر جوي ومناطق آمنة للسكان المدنيين. (2) توسيع وتنسيق العمليات العسكرية ضد الجماعات الإرهابية العالمية مثل تنظيم الدولة/داعش. (3) تدشين ميثاق وطني جديد بين الجماعات العرقية والطائفية في سوريا، إلى جانب خارطة طريق للانتقال السياسي. وسيكون للسنة، الذين يشكلون الغالبية في سوريا، حصة الأسد في الحكومة المركزية. لكن الكونفدرالية يمكن أن تسمح للأقليات العرقية والطائفية بإدارة شؤونها الخاصة. (4) التوصل إلى تفاهم بين إيران وتركيا والسعودية. فإذا عارضت أيّ من هذه الدول الصفقة، أو عملت على إفسادها؛ فسيكون من الصعب تحقيق الأمن أو المصالحة السياسية. بيدَ أن الاتفاق بين دول المنطقة في هذه المرحلة سيكون في غاية الصعوبة؛ لأن الصراع السوري تشابك مع التنافس الأوسع بين السنة والشيعة في أنحاء المنطقة. على سبيل المثال، تتمتع القيادة الجديدة في الرياض بعلاقات قوية مع المؤسسات الدينية في البلاد، ويبدو أنها تركز على إفساد المكاسب الإيرانية بدلا من السعي لاتفاق إقليمي قابل للتطبيق. (5) التوصل إلى توافق دولي حول تسوية الأزمة السورية، حيث أصبح الصراع الآن يمثل أزمة دولية حقيقية: – تعامل الروس من تلقاء أنفسهم لمجموعة من الأسباب، من بينها: منع الانهيار الفوري للنظام في دمشق. – في الوقت ذاته، حوَّلت أزمة اللاجئين الصراعَ السوري إلى قضية أوروبية داخلية. – بالإضافة إلى ذلك، تواجه العديد من القوى الأخرى، مثل الصين، تهديدات متزايدة لمصالحها الاقتصادية في المنطقة. لكن برغم الفجوة الكبيرة بين أجندات الدول العظمى، فثمة تداخلات أيضًا. وهذه هي المساحة التي ينبغي البحث فيها عن مكان لبدء التسوية. والنجاح هنا، خاصة بين الولايات المتحدة وروسيا، يمكن أن يفتح الباب لدفع اللاعبين الإقليميين والداخليين على التحرك أيضا نحو التوصل إلى تسوية. ومشاركة الولايات المتحدة النشطة في هذه الجهود أمر ضروري. وإذا أمكن التوصل إلى تفاهم بين أمريكا وروسيا، وحدث تقدم لاحق في أوساط اللاعبين الإقليميين، ينبغي عقد مؤتمر دولي للمساعدة على التوصل إلى حل. مثل هذا المؤتمر، تحت رعاية الأمم المتحدة، يمكن أن يسهل ويضفي طابعا رسميًا على اتفاقٍ تتوصل إليه القوى العظمى والدول الإقليمية والأحزاب السورية المتنافسة بشأن انتقالٍ يستمر لعدة سنوات.. حينها نكون قد عدنا إلى نقطة البداية فيما يتعلق بدروس العراق. مثل هذا الاتفاق بشأن سوريا يجب أن يتوافر فيه عنصرين رئيسيين: ليس فقط إصلاح الجيش الوطني ولكن أيضًا الحفاظ عليه. بالإضافة إلى ذلك، يجب أن تستند عملية تسريح وتفكيك وإعادة دمج الجماعات المليشيوية- وصياغة خطة إعادة إعمار البلاد- على الدروس التي تعلمناها من العراق وأفغانستان. وبالتأكيد لن يكون أيًا من هذا سهلا. لكن إذا أردنا أن تكون هناك أي فرصة لإنهاء هذه الأزمة المستمرة طيلة أربع سنوات، فإن هذا هو المسار الواقعي الوحيد للمُضِيّ قُدُمًا. * زلماي خليل زاد؛ سفير أمريكا سابقًا إلى العراق وأفغانستان والأمم المتحدة.