الرئيسية في العمق سجالات احترافية بين الإعلام الغربي والحكومة التركية

سجالات احترافية بين الإعلام الغربي والحكومة التركية

2 second read
0

كانت بلومبرج أذكى من أخواتها في الغرب وإخوانها في الشرق- الذين فقدوا صوابهم فصاروا يحاربون طواحين الهواء منذ أسابيع- حين ركّزت في نقدها للتعديلات الدستورية على السؤال التالي: إلى أي مدى سيؤدي هذا التغيير إلى حل مشكلات تركيا المزمنة، خاصة تحسين وضع الاقتصاد وكبح جماح الإرهاب؟

ضرب عمق اهتمامات الشعب التركي

بعيدًا عن اللغط الأيديولوجي، فضَّل التقرير الذي أعده إيزوبيل فينكيل وسيلكان هاكوغلو أن يضرب في عمق اهتمامات الشعب التركي: السلطات الجديدة التي مُنِحَت لإردوغان بموجب التعديلات الدستورية ليس لها تأثير كبير على مشكلات تركيا المزمنة، والاستفتاء الأخير من غير المحتمل أن يؤدي إلى إصلاح الاقتصاد أو كبح الإرهاب.

استشهدت بلومبرج بكلام “إردوجان” نفسه، ومسؤولين حكوميين آخرين، قالوا سابقًا: إن التصويت بـ نعم سيعيد أنظار المستثمرين إلى تركيا؛ لأن أداء الليرة كان الأسوأ هذا العام من بين العملات الرئيسية. ثم عادت لتستدرك: على الرغم من ارتفاع الليرة بعد وقت قصير من نتائج الاستفتاء، مدعومة بإزالة أحد مصادر عدم اليقين، إلا أنها سرعان ما تراجعت إلى مستويات ما قبل الانتخابات.

كان هذا التقرير أحد التحليلات الهادئة النادرة التي شهدها الإعلام الغربي طيلة الأسابيع الماضية، ولا غروَ أن يصدر عن منصة متخصصة في الاقتصاد، في مقابل عشرات الافتتاحيات والتقارير والمقالات التي تخلّت عن وقارها وشرعت في توجيه الاتهامات العشوائية للرئيس التركي وحزب العدالة والتنمية.

لماذا نكتفي بزيادة دخلنا القومي 3 أضعاف؟

بعد نشر هذا التقرير بسويعات قليلة، خرج الرئيس رجب طيب إردوجان على شاشة قناة الجزيرة مع أحمد منصور وكان أول موضوع تطرق له هو الملف الاقتصادي، قائلا: “رأينا الكثير من العقبات خلال فترة حكمنا التي استمرت 14 عاما، واستطعنا أن نزيد الدخل القومي التركي ثلاثة أضعاف، لكن بإمكاننا أن نزيد أكثر، فلماذا نكتفي بثلاثة أضعاف فقط؟ هناك الكثير من الموانع والعقبات التي تسحبنا للخلف”.

كان هذا التصريح هو الآخر يتسم بالاحترافية من رئيسِ دولةٍ يتابع “التضليل الإعلامي والحملات المسيئة التي تصف ما حدث بأنه طريق للديكتاتورية وتغيير للنظام”- على حد وصفه- ويصارح المشاهدين والمراقبين: “كانت هناك عقبات داخل النظام، وعلينا التغلب على هذه العقبات لكي تكبر تركيا بسرعة”.

تشكيك في نزاهة الاستفتاء

ورغم اللهجة الهجومية غير الرصينة التي تبنتها معظم الصحف ومراكز الأبحاث الأجنبية طيلة الفترة الماضية في نقد هذه التعديلات، إلا أن بعض الصحف الأجنبية كانت ذكية حين ركَّزت خلال اليومين الماضيين على تشكيك المراقبين الأوروبيين في نزاهة الاستفتاء، ومطالبة المعارضة التركية بإلغاء النتيجة، وهو ما يعتبر ضربة أخرى في عمق مشروعية المشروع السياسي الذي تتبناه الحكومة التركية.

لجنة المراقبين المشتركة التي أوفدتها منظمة الأمن والتعاون في أوروبا والجمعية البرلمانية لمجلس أوروبا ، لمراقبة الاستفتاء التركي، قالت: إن الاستفتاء شابه العديد من المخالفات، منها أن الحملة الدعائية “لم تكن متكافئة”، حيث هيمن معسكر “نعم” على التغطية الإعلامية، إلى جانب تغيير في إجراءات فرز الأصوات في اللحظة الأخيرة.

هجمة إعلامية مرتدة

لكن “إردوجان” كان مستعدًا؛ إذ عرض في حوار “بلا حدود” صورة أندري هونكو النائب عن الحزب اليساري في البرلمان الألماني وهو يرفع علم حزب العمال الكردستاني الذي تعتبره أنقرة والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة تنظيمًا إرهابيًا في مظاهرةٍ مناهضة للحكومة التركية.

كشف الرئيس التركي أمام المشاهدين أن هذا الرجل هو أحد المراقبين الذي ابتعثتهم الجمعية البرلمانية لمجلس أوروبا لمراقبة الاستفتاء الدستوري، متسائلا: كيف يمكن لهذا الشخص المتحيّز أن يصدر تقريرًا محايدًا عن الاستفتاء؟

تصريحات مشابهة صدرت عن وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو قائلا: إن النائب الألماني أندري هونكو الذي التقطت له صورة مع شعار تنظيم بي كي كي الإرهابي هو مراقب الانتخابات بالنيابة عن مجلس أوروبا؛ فكيف يمكننا توقع الموضوعية؟”.

ودعمًا لهذا الهجمة الإعلامية المرتدة؛ تتبعت الصحف التركية تصريح “هونكو” لصحيفة “بير غون” في مارس الماضي قائلًا إنه يفضل التصويت بـ”لا” في الاستفتاء، وإنه يتمنى أن يصوت الشعب التركي بـ”لا”، منتقدًا الإصلاحات المقترحة، وواصفًا الرئيس رجب طيب إردوجان بـ”الدكتاتور”.

وما بين الهجمات الإعلامية الغربية والهجمات المضادة التركية، صوَّت 51.5 في المائة من الأتراك المشاركين في الاستفتاء بالموافقة على التعديلات الدستورية، من بينهم أكثر من 60 في المائة من الأتراك المقيمين في ألمانيا.

طالع المزيد من المواد
طالع المزيد من المواد المنشورة بواسطة العالم بالعربية
طالع المزيد من المواد المنشورة في قسم في العمق

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

طالِع أيضًا

محمي: استعادة «الغمر والباقورة».. قمة جبل الجليد في العلاقات الباردة بين الأردن وإسرائيل

لا يوجد مختصر لأن هذه المقالة محمية بكلمة مرور. …