في العمق شرح أبعاد التنافس السعودي-الإيراني في اليمن لـ العالم بالعربية منشور في 8 second read 0 شارك على Facebook شارك على Twitter شارك على Google+ شارك على Reddit شارك على Pinterest شارك على Linkedin شارك على Tumblr ترجمة: علاء البشبيشي يرى العديد من المراقبين أن الصراع في اليمن، هو: تنافس بين إيران والسعودية، بيد أن هذه الرؤية قد لا تعكس الصورة الكاملة. عوامل الصعود الإيراني من بين العوامل التي ساهمت في صعود إيران كقوة إقليمية خلال العقد الأول من القرن الحالي: 1) الغزو الذي قادته الولايات المتحدة للعراق والإطاحة اللاحقة بـ صدام حسين، عدو إيران اللدود. 2) القفزة المفاجئة في أسعار النفط خلال هذا العقد. هذه المليارات الإضافية من الدولارات؛ اشترت بها طهران نفوذًا واسعًا في المنطقة، وأسهمت في صعود جيش القدس (وحدة القوات الخاصة التابعة للحرس الثوري الإيراني، والمسئولة عن عملياته خارج الإقليم) كلاعب رئيس في المنطقة. العد العكسي بيدَ أن العد العكسي بدأ بشكل كبير في عام 2012. حيث أدت العقوبات الأمريكية، التي طُبِّقَت أواخر عام 2011، إلى شلّ صادرات إيران من النفط والغاز، فخفضتها بواقع النصف تقريبًا، من 118 مليار دولار في عام 2011 إلى 63 مليار دولار في 2013. وحتى هذه النسبة من العائدات عجزت طهران عن الوصول إليها؛ بسبب العقوبات المصرفية التي فرضها الأمريكيين والأوروبيين. وفي عام 2014، تعرضت إيران لصدمة أخرى؛ حيث أدى تراجع النفط بصورة دراماتيكية إلى المزيد من خفض عائدات صادرات النفط والغاز الإيرانية. حرب بالوكالة كما أطلقت الاضطرابات السورية، التي بدأت في أوائل ربيع عام 2011، العنان لمنافسةٍ على النفوذ في الشرق الأوسط، استُخدِمَت فيها سوريا كمنصة لحرب بالوكالة بين إيران والتحالف غير المعلن التي شكلته تركيا مع السعودية وقطر. هذا لا يفرض فقط ضغطا اقتصاديا إضافيا على إيران لدعم بشار الأسد، لكنه أيضًا يهدد مكانتها الجيوسياسية التي اكتسبتها خلال العقد السابق. صعود “داعش” لكن فجأة ظهر عامل جديد، هو: صعود المتشددين في سوريا، يمثلهم في المقام الأول تنظيم الدولة. هنا تحول موقف الإدارة الأمريكية العدائي تجاه النظام الإيراني، وتعزز موقف طهران في سوريا مقارنة بمنافسيها الإقليميين. كان هذا التغيير غير العادي في موقف الولايات المتحدة واضحا عندما أدلى وزير الخارجية الأمريكية جون كيري بشهادته يوم 11 مارس أمام لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ، قائلا: “إن التفويض باستخدام القوة في سوريا- قيد النظر الآن في الكونجرس- يستهدف تنظيم الدولة تحديدًا. هناك من يرغبون في أن يشمل ذلك الأسد، لكنه ليس كذلك”. بعد أربعة أيام، قال كيري في برنامج “واجِه الأمة” على شاشة سي بي إس: “ن الولايات المتحدة سيكون عليها “التفاوض في نهاية المطاف” مع الأسد. اصطفاف المصالح الأمريكية-الإيرانية هذا التحوُّل في تفكير الإدارة الأمريكية قد يقلب الطاولة إلى كبير لصالح إيران ضد منافسيها الإقليميين في سوريا، لا سيما السعودية وتركيا. ففي يناير 2014، نصَّبت داعش نفسها “دولة إسلامية”، واحتلت جزءا كبيرا من الأراضي العراقية؛ ما أسفر عن موجات من الصدمة في أنحاء المنطقة. وهي التطورات التي تمخضت عن حالة اصطفاف نادرة بين المصالح الأمريكية والإيرانية. وقد ساعد صعود تنظيم الدولة، والسعي لعقد اتفاق نووي بين القوى العالمية وإيران إلى حد كبير في فك العزلة السياسية، وسيؤدي على الأرجح إلى تعزيز كبير لاقتصاد طهران نتيجة لتخفيف العقوبات. وبناء على هذه الخلفية، بدأ السعوديون حملتهم الجوية في اليمن، بهدف تدشين “الظروف اللازمة للسماح بالرئيس (المنفي؛ عبدربه منصور هادي) وحكومته بإدارة البلاد”. تفسيرات طائفية يقدم المراقبون تفسيرات مختلفة للهجوم السعودي على اليمن. ويرى كثيرون أن الصراع عبارة عن منافسة للفوز بالهيمنة على المنطقة بين فصيلين مسلمين، هما: السنة والشيعة، بقيادة السعودية وإيران. وبينما يمكن أن يغير الحوثيون- الحركة الزيدية الشيعية التي صعدت فجأة في اليمن- ميزان القوى لصالح الشيعة، يقف تنظيم الدولة السني في العراق موقف الدفاع أمام التقدم الشيعي. لكن هذا الرأي- برغم كل شيء- لا يعكس الصورة الكاملة. فبمراقبةٍ وثيقة للتحالفات والمنافسات في المنطقة، يتضح أنها لا تتشكل بدقة على طول خطوط الصدع الطائفية. حيث تعتبر السعودية الرئيس المصري السني السابق، محمد مرسي، وجماعته الإسلامية “الإخوان المسلمون”، تهديدا للمملكة، ما أدى إلى اضطراب العلاقات بينهما. مثال آخر هو تحالف إيران الشيعية مع حركات جهادية سنية فلسطينية، وتحديدًا الجهاد الإسلامي وحماس. بل هناك مثال صارخ آخر للتحالف بين المليشيات الشيعية والأكراد السنة والقبائل العربية السنية ضد المتطرفين السنة الذين يعملون تحت راية تنظيم الدولة خلال العمليات الأخيرة في تكريت. تهديد سلطة آل سعود قد يكون التفسير الأكثر عقلانية للتدخل العسكري السعودي في اليمن هو أن جذور سياسة الرياض الإقليمية تمتد بعمق في قلب سياستها المحلية. بمعنى آخر: يرى السعوديون التهديدات الخارجية في إطار المخاطر الداخلية التي قد يخلقها تعرض سلطة النخبة السياسية للخطر. وقد كان صعود الإخوان المسلمين- وهي جماعة سنية- في مصر بمثابة نفوذ للإسلام السياسي السني، قد يؤدي إلى تمكين هذه الحركة داخل المملكة ذاتها، وبالتالي تحدي وضع النخبة السياسية داخل الدولة. لذلك سارع الملك الراحل عبدالله إلى الإشادة بالجيش المصري، مباشرة عقب انقلاب يوليو 2013 في مصر والإطاحة برئيس الحكومة الإسلامي وزعيم الإخوان المسلمين؛ لأنه أنقذ البلاد من “الإرهاب والتطرف والفتنة”. وفي السياق ذاته، ترى الرياض الأقلية الشيعية في المناطق السعودية الغنية بالنفط، وبالتالي النظام الإيراني، تهديدًا كبيرًا للمملكة. حيث تعتبر السعودية النفوذ الإيراني المتزايد محفزًا لأقليتها الشيعية، التي تمثل 10-15 % من تعداد سكانها، ومحرضًا على المطالبة بالمزيد من المشاركة السياسية والمساواة الدينية في المملكة. نفوذ إيران في الفناء الخلفي للمملكة ووفقا لذلك، أثار التقدم الأخير للحوثيين اليمن، الذين ينتمون للطائفة الزيدية الشيعية، في الفناء الخلفي للمملكة، مخاوف السعودية بقوة. ورغم نفي إيران أي تدخل في اليمن، فإن سلسلة من التصريحات التي أدلى بها مسئولون إيرانيون تسلط الضوء على رؤية طهران. على سبيل المثال، قال القائد العام لقوات الحرس الثوري الإيراني العميد حسين سلامي: إن أنصارالله نسخة مشابهة لـ حزب الله (في لبنان) في منطقة استراتيجية”. وحزب الله، عبارة عن مليشيا لبنانية موالية لإيران، وتقوم طهران بتنظيمها وتمويلها. وفي مناسبة أخرى، أكد علي أكبر ولايتي، مستشار الشؤون الخارجية للمرشد الأعلى خامنئي، أن النفوذ الإيراني يمتد الآن “من اليمن إلى لبنان”. ما جعل الأمور أسوأ- وينظر إليه مجموعة من الخبراء باعتباره العامل الحاسم وراء الهجوم العسكري السعودي- هو الاستنتاج المرجح بحدوث نزاع بين إيران والولايات المتحدة بشأن البرنامج النووي. نهاية الصراع ربما لا يتعلق الأمر كثيرًا بخطر التسلح النووي الإيراني المحتمل، لأن المنطق يقول إن الأمريكيين والأوروبيين ليسوا سذجًا بما يكفي لتوقيع اتفاقية قد تمنح إيران الفرصة لصناعة قنبلة نووية. بدلا من ذلك، يرى السعوديون أن صياغة اتفاق نووي يمثل نهاية للصراع المستمر لعقود بين الولايات المتحدة وإيران، ويمكن أن يؤدي إلى إنهاء العزلة الاقتصادية والسياسية الإيرانية، ما يمهد الطريق لصعودها كقوة بلا منازع في المنطقة. هذا هو التقييم الأقرب للصواب. وفي سياقه تأتي تصريحات روحاني في نيويورك بتاريخ سبتمبر 2014: “آمل أن تسير الخطوة الأولى (أي: حل القضية النووية) بشكل جيد. وكما قلتُ سابقًا: إن علاقتنا مع أمريكا لن تبقى متوترة وعدائية للأبد، لكنها ستستعاد يوما ما”. * شهير شهيد ثالث؛ محلل سياسي وصحفي مستقل يكتب في المقام الأول عن الشؤون الداخلية والخارجية الإيرانية. وهو أيضا مؤلف مشارك لـ”إيران والولايات المتحدة.. إطلالة من الداخل على الماضي الفاشل والطريق إلى السلام”، والمنشور في مايو 2014.