ترجمة: علاء البشبيشي

*الملخص:

استراتيجية توازن القوى التي تنتهجها الولايات المتحدة في الشرق الأوسط تقترب من الانزلاق إلى شرك محتمل. ذلك أن عددًا من عقود التسليح بالغة الأهمية- سيتم بموجبها توريد أسلحة أمريكية إلى عدة دول خليجية- معرضة لخطر الانهيار بسبب المعارضة الإسرائيلية.

وفي كلتا الحالتين، سوف يؤدي القرار الأمريكي النهائي بشأن التوقيع على هذه الاتفاقيات إلى إغضاب أحد الطرفين، إما إسرائيل أو دول مجلس التعاون الخليجي، وكلاهما لديه هواجس بشأن استمرار الدعم الذي تقدمه الولايات المتحدة.

بل قد تتحول دول الخليج إلى بدائل آخرين لعقد صفقات دفاعية مربحة. فيما سيتعين على واشنطن التعامل بحذر مع هذه العلاقات إذا أرادت الحفاظ على الاستقرار في الشرق الأوسط.

* التحليل:

نتيجة للمعارضة الإسرائيلية، تأجلت عقود الأسلحة الأمريكية للكويت والإمارات وقطر لسنوات:

– هناك صفقة كويتية مؤجلة، منذ عامين، للحصول على 28 مقاتلة F/A-18 سوبر هورنيت، مع وجود خيار للحصول على 12 طائرة إضافية.

– وهناك صفقة إماراتية معلقة للحصول على 30 مقاتلة F-16 Block 61. 

– ولقطر أيضا صفقة قيد الانتظار منذ عامين لتوريد 73 طائرة من طراز إف 15 سي آي النسر الصامت.

وفي حين قرعت إسرائيل ناقوس الخطر بشأن صفقتي الكويت والإمارات، فإنها عارضت بقوة الصفقة القطرية، وهو ما يرجع في جزء منه إلى دعم الدوحة لحماس وموقفها المناهض لإسرائيل في المنطقة بشكل عام.

التفوق العسكري الإسرائيلي

وتشعر إسرائيل بالقلق حيال إمكانية أن تفقد مكانتها كشريك حصري للولايات المتحدة. لكن حتى مع تطوير أمريكا استراتيجية التوازن التي تنتهجها في الشرق الأوسط، لن تفقد إسرائيل بأي حال من الأحوال كافة مزايا الصداقة التي استمرت لعقود. بل ستبقى الإدارة الأمريكية الحالية، وبلا شك القادمة، ملتزمة بدعم التفوق العسكري الإسرائيلي.

أما الآن، فتضع واشنطن اللمسات الأخيرة على صفقة مساعدات محتملة بقيمة 40-50 مليار دولار مع إسرائيل، من المقرر أن تدخل حيز التنفيذ بحلول عام 2018. وهو المستوى التمويلي الذي لا يمكن لدولة أخرى في الشرق الأوسط أن تتفاخر بالحصول عليه من الولايات المتحدة.

ومع ذلك، تخشى إسرائيل أن يتناقص التمويل الوافر الذي تحصل عليه من أمريكا تدريجيًا. فبعد كل شيء، وقعت واشنطن الاتفاق النووي مع إيران، برغم الاحتجاجات الإسرائيلية القوية، وسعت هذه القوة العظمى مؤخرًا إلى التعاون مع العديد من دول الشرق الأوسط للاشتراك في خلق توازن قوى داخل المنطقة المضطربة. وكان العمل مع الرئيس المصري محمد مرسي وجماعة الإخوان المسلمين في مصر (وهو ما أغضب الإسرائيليين أيضًا) قبل الإطاحة بهم في يوليو 2013، جزءًا من هذه الاستراتيجية.

كما أصبح التفوق العسكري الإسرائيلي على نظرائها في المنطقة أكثر هشاشة على مدى العقد الماضي. وفي المقابل، أنفقت دول مجلس التعاون الخليجي، خاصة الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية، مئات المليارات من الدولارات على تطوير القوات الجوية، وأصبحت تمتلك الآن طائرات قتالية أكثر تكافئ ما بحوزة إسرائيل.

صحيحٌ أنه من المقرر أن يحصل الإسرائيليون على طائرات مقاتلة من طراز F-35، لكن ليس هناك ما يضمن أن الولايات المتحدة ستمتنع عن بيع الطراز ذاته إلى دول مجلس التعاون الخليجي أيضًا.

لكن إحباط دول الخليج يتنامى أكثر بسبب التأخير المستمر منذ سنوات، نتيجة المعارضة الإسرائيلية والبيروقراطية الأمريكية. وبينما ينتظران إنهاء الصفقة، سعت الكويت وقطر للاتفاق على عقود أخرى أصغر، ستحصل الأولى بموجبها على 28 مقاتلة يوروفايتر، والثانية على 24 مقاتلة رافال فرنسية.

وتمثل هذه العروض انتصارات لشركات الأسلحة الأوروبية، التي تعتبر المستفيد الأكبر باعتبارها البديل الأكثر ترجيحًا لدول مجلس التعاون الخليجي. وإذا تحولت دول الخليج لدول أخرى للاتفاق على عقود أسلحة؛ ستخسر الولايات المتحدة ما هو أكثر من مجرد الوصول إلى سوق مربحة. فيما تشعر دول الخليج بالاستياء من التواصل الأمريكي مع إيران، والنقص الملموس للدعم في سوريا.

ومن شأن ذلك أيضا أن يضر بصناعة الدفاع الأمريكية. ذلك أن صفقة الكويت للحصول على مقاتلات F/A-18 سوبر هورنيت سوف تمنح خط إنتاج بوينغ سوبر هورنيت 14 – 20 شهرًا إضافيا من الحياة. وفي الوقت ذاته، يمكن أن يؤدي الفشل في إبرام الصفقة القطرية لتوريد طائرات F-15 إلى الإجهاز على هذا الخط الإنتاجي، الذي يتوقع إغلاقه هذا الصيف.

بل ترتبط هذه الصفقات بالسياسة الداخلية الأمريكية، حيث يدعو بعض المسئولين الأمريكيين لإيجاد حل سريع لهذا الملف. على سبيل المثال، أعرب وزير البحرية راي مابوس عن إحباطه من عملية التصدير المعقدة- التي تشترك فيها كلا من وزارتي الخارجية والتجارة ومكتب وزير الدفاع والبيت الأبيض- مطالبا بتسريع عملية البيع إلى الكويت. وسوف تدفع الضغوط المتزايدة الولايات المتحدة للتوصل إلى قرار في غضون الأشهر القليلة المقبلة. فيما ينضج الشعور بإلحاح هذا الملف على نيران الاهتمام المحلي المتزايد، والإغلاق الوشيك لخطوط الإنتاج، واحتمالية أن تبحث دول الخليج عن مصدر آخر لتوريد المعدات العسكرية.

وسواء اختار المسؤولون الأمريكيون التصديق على هذه الاتفاقيات أو إلغاءها، سيتولى شخص ما مهمة تهدئة الأجواء لاحقًا، سواء على جبهة إسرائيل الغاضبة التي تخشى تخلي الولايات المتحدة عنها، أو التحالف الخليجي المتشكك في دوافع واشنطن.

أَمَا وقد اختارت الولايات المتحدة الآن تبني سياسة توازن القوى في الشرق الأوسط، لن يكون هناك مفر من هذه المبادلات. وسيكون على صناع السياسة الأمريكية التلاعب بمصالح متعددة في المنطقة، واختبار صبر حلفائهم في هذه العملية. لكن في ظل سياق التسلح المتسارع، وسعي إيران لإطلاق برنامجها التحديثي الخاص، فإن ثقة دول مجلس التعاون الخليجي في الولايات المتحدة شارفت على النفاد.

طالع المزيد من المواد
طالع المزيد من المواد المنشورة بواسطة العالم بالعربية
طالع المزيد من المواد المنشورة في قسم العالم بالعربية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

طالِع أيضًا

الذكاء الاصطناعي سيكون له تأثير هائل على الاقتصاد في المستقبل

يمكن للمؤسسات (الإعلامية والبحثية إلخ) الحصول على تقاريرنا حصريًا الآن. لمعرفة المزيد حول …