شارك على Facebook شارك على Twitter شارك على Google+ شارك على Reddit شارك على Pinterest شارك على Linkedin شارك على Tumblr ترجمة: علاء البشبيشي لأكثر من ثلاثٍ سنوات، جادل المدافعون عن المزيد من التدخل في الحرب الأهلية السورية بأن انزلاق البلاد إلى حربٍ أهليةٍ دمويةٍ سيجلب الدمار لما هو أبعد من سوريا، وسينشر الفوضى في المنطقة، وأوروبا، وما وراءهما. أخبرني مسؤول في إدارة أوباما، مُطِّلع على السياسة الأمريكية حيال سوريا، اليوم: “كانت النصوص مكتوبة”، مضيفًا: “هذا السيناريو الذي يتكشَّف سبق التحذير منه كتابيًا منذ عام 2012”. الآن، مع وقوع باريس تحت الحصار، وسقوط أكثر من 130 قتيلا في سلسلة هجمات منسقة استهدفت أماكن تجمع باريسية: ملاعب ونوادي ليلية ومزارات مفضلة، فإن السؤال المباشر هو: هل الأمر مختلف هذه المرة؟ هل ستشعر أمريكا أن عليها فعل المزيد، لأن حلفاءها الأوروبيين- ويفترض الوطن في الداخل- في مفترق طرق، بطريقةٍ واضحة وعميقة؟ حتى الآن، الجواب هو: يستبعد أن يحدث ذلك. ذلك أن ثمة رغبة قوية لدى رئيس الأركان في تجنب الانجرار إلى حرب برية أخرى في الشرق الأوسط، ومن غير المرجح أن تغير مأساة باريس هذا الشعور. أما زيادة التدخل في سوريا، خلال هذه المرحلة، فقد لا يكون ذي جدوى تُذكَر بالنسبة لمن يسعون إلى تغيير كاسح في السياسات. يقول المسئول في إدارة أوباما: “إن زيادة التورط تعني فقط إسقاط المزيد من القنابل على تنظيم الدولة والنصرة. ماذا يعني هذا؟ إنه يعني المزيد من الشيء ذاته. حقا، إن هذا لا يغير شيئا”. طيلة ثلاث سنوات، تمخَّض عمل إدارة أوباما الجاد لإنهاء الحروب عن استنتاجٍ مفاده: أن التدخل الأمريكي الكامل في الحرب الأهلية السورية، المتغيرة ومتعدد الأطراف والتي تحوَّلت إلى حرب بالوكالة، لن يؤدي إلا إلى تعريض أمريكا للخطر وتوريطها. قال الرئيس في عام 2011: إن “تيار الحرب ينحسر” فيما يتعلق بأفغانستان. كما أمر بسحب القوات الأمريكية من العراق. وفي عام 2014، قال أوباما: إن فكرة تسليح المتمردين السوريين المعتدلين باعتبارها ستغير الحقائق على الأرض في سوريا كانت “دائما ضربا من الخيال. هذه الفكرة القائمة على أن بإمكاننا تقديم بعض الأسلحة الخفيفة، أو حتى الأسلحة الأكثر تطورا، لمعارضةٍ تشكلت أصلا من الأطباء والمزارعين والصيادلة السابقين إلخ، ثم بإمكانهم محاربة ليس فقط دولة مسلحة تسليحا جيدا، بل دولة مسلحة تسليحا جيدا بدعم من روسيا وإيران، ومقاتلي حزب الله المخضرمين”. بعدها، قال أوباما: “لدينا مصلحة استراتيجية في دحر تنظيم الدولة. نحن لن نسمح لهم بإقامة نوع خلافة عبر سوريا والعراق، لكن لن يمكننا القيام بذلك إلا “إذا كنا نعرف أن لدينا شركاء في الميدان قادرون على ملء الفراغ”. وحتى يوم الخميس، قبل هجوم باريس بيومٍ واحد، دافع أوباما عن سياساته الرامية لمنع تنظيم الدولة من تحقيق المزيد من المكاسب على الأرض في العراق. وأضاف في تصريح لـ إيه بي سي نيوز: “كبحنا جماحهم.. لم يكسبوا أرضًا في العراق. وسوف يغادرون سوريا”. مرة أخرى، طالب الرئيس بالصبر قائلا: “أعتقد أن الصواب هو أن هذا كان دائما مشروعًا لعدة سنوات… لا نمتلك قوات برية هناك بأعداد كافية للسير ببساطة إلى الرقة في سوريا وتنظيف المكان بأسره”. وبدورها بدأت فرنسا يوم الأحد قصف الرقة؛ ردا على الهجمات الإرهابية الصاخبة التي نفذها تنظيم الدولة بنجاح في أنحاء باريس. وفي النهاية، أصبحت السياسة الأمريكية تتسم بالخطاب بعيد المدى، المدافع عن “إضعاف وتدمير” تنظيم الدولة، بموازاة خطوات إضافية. حيث شنت الولايات المتحدة ضربات جوية ضد التنظيم لأكثر من 12 شهرًا، وقامت بمحاولة فاشلة لتدريب وتجهيز (المتمردين)، ودعت للتعاون بين قوات العمليات الخاصة ونطيرتها المحلية على الأرض في ساحة المعركة. ويعتقد السفير الأمريكي السابق لدى العراق، جيمس جيفري- الذي قال في عام 2014 عن تنظيم الدولة “يجب أن تبيدهم عن بكرة أبيهم” نظرا لطموحات التنظيم وأهدافه- أن “البيت الأبيض يجب أن يمر بـ نقطة تحول”. آملا أن يكون ثمة تحوُّل سياسي في طور التكوين عقب هجمات باريس، رغم أنه غير متأكد كم من الوقت سيستغرق هذا التطور. مضيفًا: “لا أحد يشعر بالرضا عن الوضع الراهن. وأود القول إن هناك ثلاثة معسكرات: – أحدها ما نقوم به أساسا، مثلما نفعل الآن؛ لأنه يحقق نوعا من النجاح. انظر إلى سنجار، وربما نشهد نجاحا في الرمادي، وهذا يعني عدم وجود خسائر بشرية. – وهناك من يريدون استخدام استراتيجية مماثلة لـحملة “الاحتواء، والإضعاف، والتدمير” باستخدام القوات الأخرى، لكن مع تفعيل أكبر للقوة الجوية، في ظل قواعد اشتباك أقل تقييدًا. بالإضافة إلى إرسال المزيد من قوات العمليات إلى الأمام، وربما تزويد القوات الصديقة بالمزيد من الأسلحة. – وأشار جيفري إلى أن الطرح الثالث هو استخدام القوات الأمريكية المقاتلة، مستشهدًا بإعلان الرئيس الفرنسي فرانسوا أولاند الحرب ضد منفذي هجمات باريس. بيد أن أوباما- حتى الآن- لم يجاري نظيره الفرنسي. “والمشكلة هنا أن أولاند لم يكن يطلق كلمات في الهواء. فالحرب هنا مختلفة عما نفعله. وما تفعله ليزا موناكو – كبيرة مستشاري أوباما لشؤون مكافحة الإرهاب- ليس حربًا، ولا مكافحة للإرهاب، على حد قول جيفري. إن أوباما ليس فقط لا يفكر في الحرب، بحسب جيفري، لكن الرئيس يؤمن بقوة بأجندة سِمَتُها التواصل مع الأعداء، سواء كانوا في كوبا أو إيران. مضيفًا: “وهو يعتقد أن أي عمل عسكري، غير مكافحة الإرهاب من الجو، يمثل مستنقعًا، ولن ينجز شيئا. وأعتقد أن هذا هو ما يقوم به”. ويضيف جيفري: في غضون عام من الآن “سيتبنى الجميع الرأي الذي أعتقده فيما يتعلق بالقوات البرية”. بعبارة أخرى: سوف يكون هناك حاجة لذلك. وحتى الآن، لم يجتمع الرئيس مع الائتلاف المكون من 62 دولة، والذي تشكل على وقع ضجةٍ إعلاميةٍ لمكافحة تنظيم الدولة، رغم أن تلك الدول شاركت في الحدث الأمميّ الأكبر، الذي ركز على مكافحة التطرف العنيف. والآن يترقب كثيرون لمعرفة ما إذا كان هناك استعداد (وقدرة) لعقد قمة على المستوى الرئاسي. بالطبع، يعتبر مصير الرئيس بشار الأسد نقطة جوهرية في الحديث بشأن السياسة (الأمريكية) تجاه سوريا. ففي عام 2011، كانت سياسة الولايات المتحدة، كما قال الرئيس، ترى أن الوقت قد حان “لكي يتنحى الرئيس الأسد”. لكن الآن، جاءت روسيا لمساعدة الأسد، دون ملاحقة تنظيم الدولة بجدية، في حين تلاحق الولايات المتحدة تنظيم الدولة، وليس الأسد. “قد يكون هناك تصعيد فيما سنفعله ضد تنظيم الدولة، ولكن ليس ضد الأسد”، كما قال دنيس روس، الذي خدم أربع إدارات أميركية كدبلوماسي يركز على شؤون الشرق الأوسط. مضيفًا: “سيحتاج الروس إلى ممارسة ضغط حقيقي على كلٍ من الأسد والإيرانيين. ولن يتوقف السعوديون والقطريون إذا لم يتوقف النظام. فأين نفوذنا؟ لماذا سيستجيب أي شخص لنا؟ نحن نلاحق تنظيم الدولة لأسباب مفهومة. لكن إذا لم يلاحقهم [الرئيس الروسي فلاديمير] بوتين كذلك، لن يكون هناك وقف لإطلاق النار”. وقد جادل البعض داخل الإدارة (الأمريكية) بأن الأسد هو سبب العنف، وأن تنظيم الدولة مجرد عَرَض، وبدون إزالة السابق لا يمكن وقف اللاحق. والمشكلة الوحيدة هي أن فريق السياسة الخارجية في إدارة أوباما يخشى، منذ فترة طويلة، من نوعية النظام الذي سيخلُف الأسد. لكن دون وجود خطة لنقل السلطة من الأسد، في ظل الاستمرار في مكافحة تنظيم الدولة، نتوقع المزيد من المعركة ذاتها، واستمرار سفك الدماء. يقول المسئول في إدارة أوباما: “إنهم لا يريدون أن يثيروا ضجة في دمشق”. مضيفًا: يقول الروس الآن: ‘انظر، إنه فقط يثبت أننا في الجانب الصحيح”. لكن هذا كله مجرد كلام. والحرب مستمرة حتى يهزم أحد الطرفين الآخر. لا شيء تغيَّر.”