مجتمع كاريل ميرفي: الإلحاد في السعودية يتحدى سلطة الدولة لـ العالم بالعربية منشور في 1 second read 0 شارك على Facebook شارك على Twitter شارك على Google+ شارك على Reddit شارك على Pinterest شارك على Linkedin شارك على Tumblr ترجمة وعرض: علاء البشبيشي تخيل أن بلدًا معروفًا باسم “مهد الإسلام”، تستمد الحكومة فيه شرعيتها من الدين، ويضع علماؤه المُعَيَّنون من الدولة قواعد السلوك الاجتماعي، يشهد تزايدًا في أعداد المواطنين الذين يعلنون إلحادهم. صحيحٌ أن الأدلة على ذلك لا تعدوا كونها حكايات منقولة، لكنها متواترة. يقول فهد الفهد (31 عاما)، وهو مستشار في مجال التسويق وناشط حقوقي: “أعرف ستة أشخاص أكدوا لي أنهم ملحدون. قبل ست أو سبع سنوات لم أكن أسمع عن شخص واحد يتفوه بذلك. حتى صديقي المقرب لم يكن بمقدوره الاعتراف بذلك أمامي”. وهو الاتجاه ذاته الذي لاحظه صحفي سعودي في الرياض، فقال: “ينتشر عدم التدين، أو حتى الإلحاد، بسبب التناقض بين أقوال الإسلاميين وفِعالهم”. ولم يعُد الحديث عن الإلحاد محظورًا؛ لدرجة أن برنامَجَيْنِ حِوَارِيَّيْن خَليجَيَّيْن ناقشا هذه القضية مؤخرًا، وهو ما قد يفسر سبب إصدار وزارة الداخلية السعودية مرسومًا بتاريخ 7 مارس يحظر بأي شكل الترويج للفكر الإلحادي، أو التشكيك في أصول الدين الإسلامي التي يبنى عليها هذا البلد. وصحيحٌ أيضًا أن عدد المواطنين المستعدين للاعتراف أمام أصدقائهم بأنهم ملحدون، أو إعلان ذلك عبر الإنترنت- عادة تحت أسماء مستعارة- ليس كبيرًا بما يكفي ليمثلوا حركة تهدد الحكومة؛ حيث أظهر استطلاع أجرته مؤسسة جالوب الدولية أن 5% فقط من المشاركين، البالغ عددهم 500 سعودي، اعتبروا أنفسهم ملحدين عن اقتناع، وهي نسبة أقل بكثير من المعدل العالمي البالغ 13%. برغم ذلك، فإن الاستعداد الكبير للاعتراف بالإلحاد بشكل شخصي، يعكس خيبة أمل عامة في الدين، ويظهر تنامي فكرة أن السلطات تسيء استغلاله للسيطرة على الشعب، على حد وصف مواطن سعوديّ. وهو ما يتجسد في أشكال متعددة؛ بدءًا من تجاهل تصريحات علماء الدين، إلى تحدِّيهم، أو حتى السخرية منهم، على مواقع التواصل الاجتماعي. الأخطر هو ما رصده المحامي باسم عليم، من جدة، حين قال: “لأن خيبة أمل الناس في الحكومة أصبحت أكبر، بدأوا ينظرون إليها وإلى كل من يؤيدها باعتبارهم يمارسون علاقة غير شرعية، ويتآمرون ضد مصلحة الشعب”. مضيفًا: “يشعر الشعب بالاستياء عندما يرى علماء الدين يسترضون الحكومة، بينما يتوقع منهم أن يكونوا أتقياء ومستقيمين وعادلين”، وهو ما يؤكده الناشط الفهد، قائلا: “أعتقد أن الناس بدأوا يضيقون ذرعًا بسيطرة هؤلاء على حياتهم، وكيف يجبرونهم على انتهاج تفسير واحد فقط للدين”. وهنا تجتمع ثلاث حلقات لتشير إلى انهيار الإجماع والتوافق التي كانت الرؤية الدينية السعودية تتميز به في الماضي القريب: (1) ظهور الملحدين، (2) القلق المتنامي من السيطرة الدينية على المجتمع، (3) استمرار الإغواء الجهادي. والنتيجة: مشهد دينيّ، لا يعاني فقط من عدم التجانس، ولكن أيضًا من الاستقطاب. “صحيحٌ أن المساجد ملأى، لكن المجتمع يفقد قِيَمه. تَحوَّل الأمر إلى ما يشبه الممارسة الميكانيكية، مثل الذهاب إلى الكنيسة. عليك زيارتها يوم الأحد، فتفعل ذلك”، هكذا يصف أحد الموظفين السابقين في الإعلام الرسمي السعودي المشهد، مردفًا: “لم نعد نفهم ديننا، ليس لأننا لم نعد راغبين في ذلك، ولكن لأن النظام الملكي أفسد نظرتنا إليه وإدراكنا له … (و) … نتيجة لأن الدين أصبح يُقاس لدى المؤسسة الدينية وفقًا لرغبة النظام الملكي وما يسعده”. وهو ما أفرز المزيد من الشكوك بشأن الدين وعلمائه، بشكل أكثر وضوحا هذه الأيام بفضل وسائل الإعلام الاجتماعية، مثل: تويتر والمدونات وصفحات الفيس بوك. وفي الوقت ذاته، ثمة مَنحى تعويضيّ، عززته حرب سوريا، في أوساط بعض الشباب السعودي يتمثل في الانضمام إلى الجماعات الإسلامية المتشددة والحركات الجهادية، وهو ما قال عنه سعود السرحان، مدير الأبحاث في مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية في الرياض: “عندما بدأ الربيع العربي كان الشباب المتدين يتساءل عن الإسلام والديمقراطية، لكنهم الآن، بعدما جرى في سوريا، يسألون عن الإسلام والجهاد”. يُضاف إلى ذلك، استخدام علماء الدين المحافظين، الذين يتمتعون بنفوذ كبير في أوساط السعوديين، وصف “الإلحاد” كسيف مُسلَط على رقاب كل من يُخضِع تفسيراتهم الصارمة للنصوص الإسلامية للتساؤل، أو يشكك في النموذج الإسلامي المهيمن في البلاد. من أجل ذلك يحاول أحد سكان الرياض، استنادًا إلى اتصالاته الواسعة بالشباب السعودي بسبب طبيعة عمله في التعليم العالي، “تنبيه الشباب إلى أنهم يعيشون تحت مظلة إسلامٍ تفرضه الحكومة، وليس الإسلام الذي منحنا الله إياه”. مؤكدًا أن “بعض الشباب متوجهون، على نحو متزايد، إلى تجاهل الدين والتحوُّل إلى الإلحاد، بينما البعض الآخر في طريقه إلى فهم اللعبة”.