الرئيسية في العمق كيف تصبح سياسيًا شعبويًا؟

كيف تصبح سياسيًا شعبويًا؟

0 second read
0

في الشهور الأخيرة، أعطى صعود القادة والحركات الذين يتهمهم خصومهم بالشعبوية للعالم انطباعا خاطئا بأن هؤلاء القادة يقدمون نوعا من الأيديولوجية المتميزة. والحقيقة هي أن الشعبوية ليست أيديولوجية، ولكنها مجرد استراتيجية للحصول على السلطة والاحتفاظ بها، بحسب الكاتب مويسيس نيم في دورية ذي أتلانتك.

هذه الظاهرة متواجدة منذ قرون، لكنها عاودت الظهور مؤخرا  بكامل قوتها؛ مدفوعة بالثورة الرقمية والاقتصادات غير المستقرة وانعدام الأمن. وعلى الرغم من الاختلافات الكبيرة بين القادة الشعبويين والبلدان التي يحكمونها، فإن الشعبوية تحتوي على نفس المكونات في كل مكان.

وعلى الرغم من الاختلافات في الثقافة والتاريخ والنظم السياسية والظروف الاقتصادية للبلدان التي يتم فيها نشر الشعبوية، يلجأ القادة الشعبويون إلى ذات الأساليب. وبينما السياسات التي يفضلونها متنوعة، فإن تكتيكاتهم السياسية متشابهة.

في جميع أنحاء العالم، يمكن للسياسيين اتباع وصفة بسيطة لتقديم أنفسهم باعتبارهم منقذو الشعب، يلخصها “نيم” في السطور التالية:

فرق تسد

القادة الشعبيون الأكثر نجاحا هم البارعون في زيادة الانقسام والصراع الاجتماعي-الثقافي. إنهم يستخدمون الاختلافات بين المواطنين في الدخل أو العرق والدين والمنطقة والجنسية، أو أي خلاف آخر في المجتمع؛ لدق إسفين بين مختلف المجموعات وإثارة السخط والغضب السياسي.

لا يخشى الشعبيون تأجيج الصراع الاجتماعي، بل يعتبرونه تربة خصبة لأهدافهم.

أحد العناصر التي لا غنى عنها للوصفة الشعبوية هو: “نحن” التي تجسد الأمة ممثلة في الزعيم الشعبوي الذي يتعهد بمواجهة “هم”، الذين يزعم أنهم يلحقون الضرر بـ”الشعب”.

الشعبويون يشوهون سمعة “الآخرين” ليس فقط عندما يتعثرون، ولكن حتى عندما يكونون ناجحين. لأنهم بحاجة إلى إضافة المزيد من الزيت على تيران الاستقطاب السياسي والاجتماعي والاقتصادي والعرقي.

تضخيم مشكلات الوطن

إن المبالغة في الوضع المأساوي لبلد معين هو تكتيك بلاغي لا غنى عنه للشعبويين، الذي تتمثل رسالتهم المركزية في أن كل ما قام به أسلافهم كان سيئا وفاسدا وغير مقبول، وأن البلد بحاجة ماسة إلى تغييرات جذرية لا يمكن أن يحققها إلا هو.

هذا الادعاء بأنه هو الشخص الوحيد المؤهل لإجراء التصحيحات العاجلة التي يحتاجها الوطن هو عنصر مشترك في كافة الدعايات الشعبوية.

تجريم المعارضة

عادة ما يعامل الشعبويون المعارضين ليس باعتبارهم مواطنين يحملون آراء مختلفة، ولكن بوصفهم خونة لا يستحقون أن يُسمعوا أو يتمتعوا بحقوقهم السياسية الكاملة.

القضاء على المنافسين السياسيين هو خدعة قديمة. وحتى القادة الديمقراطيون أعربوا في بعض الأحيان عن رغبتهم في سجن منافسيهم السياسيين.

في تركيا أو مصر أو ماليزيا أو جنوب أفريقيا، يسجن زعماء المعارضة أو يموتون في ظل ظروف غامضة. وأحد أشهر الشعارات التي راجت في ذروة حملة ترامب كانت تطالب بسجن هيلاري كلينتون.

العزف على وتر التهديدات الخارجية

لا يكتفي الشعبويون بخلق عدو داخلي، بل يحتاجون أيضًا إلى صناعة أعداء من الخارج. هذا التهديد الخارجي يمكن أن يكون بلدًا أو مجموعة.

الإصرار على أن العدو الخارجي لديه حلفاء في الداخل

غالبا ما يصور الشعبويون خصومهم في الخارج كحلفاء للمعارضة المحلية. عندما تبدأ الأمور تسوء في الداخل بالنسبة للشعبويين، فإنهم يميلون إلى إثارة الصراعات في الخارج باعتبارها ملهيات لتشتيت الانتباه.

تمجيد الجيش

يشيد الشعبويون بالجيش كلما كان ذلك ممكنا، في حين يطلقون مبادرات لشراء المزيد من الأسلحة الشراء وزيادة الإنفاق الدفاعي.

تشويه الخبراء

قال مايكل جوف، المدافع عن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، ردا على تقرير أعدته مجموعة من الاقتصاديين المرموقين بشأن التكاليف التي يمكن أن تتحملها بريطانيا نتيجة بركزيت: “الناس في هذا البلد ضاقوا ذرعًا بالخبراء”.

ومع ذلك، فإن الخبراء جزء من “النخبة” التي يحملها الشعبويون المسؤولية عن مشكلات الشعب، ويريدون الحد من نفوذها.

نزع الشرعية عن وسائل الإعلام

الازدراء الذي يشعر به الشعبويون تجاه الخبراء لا يقارن بانزعاجهم من الصحفيين. في بعض البلدان، يؤدي ذلك إلى السجن والضرب وحتى الاغتيال.

الصحفيون، مثل العلماء، يحصلون على معلومات يمكن أن تتصادم مع السرد الذي يجده الشعبويون أكثر ملاءمة. وعندما يحدث هذا، لا يوجد حل أفضل من الاستبعاد أو الإطاحة.

إن جوهر الوصفة الشعبوية هو تقويض الضوابط والتوازنات التي تحد من سلطة الشعبويين وتحملهم المسؤولية. ويكون الشعبويون أقرب إلى النجاح في البلدان التي تكون فيها المؤسسات ضعيفة جدا لدرجة عدم القدرة احتوائهم، أو حيث يعتقد المواطنون أن “جميع السياسيين يشبهون بعضهم” وأن الأمور لا يمكن أن تكون أسوأ مما كانت عليه.

لكن نجاح السياسيين الشعبويين في بعض الدول الأوروبية والولايات المتحدة يدل على أن حتى الديمقراطيات الناضجة ليست ضمانة ضد الشعبوية.

طالع المزيد من المواد
طالع المزيد من المواد المنشورة بواسطة العالم بالعربية
طالع المزيد من المواد المنشورة في قسم في العمق

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

طالِع أيضًا

محمي: استعادة «الغمر والباقورة».. قمة جبل الجليد في العلاقات الباردة بين الأردن وإسرائيل

لا يوجد مختصر لأن هذه المقالة محمية بكلمة مرور. …