شارك على Facebook شارك على Twitter شارك على Google+ شارك على Reddit شارك على Pinterest شارك على Linkedin شارك على Tumblr ترجمة: علاء البشبيشي في خطبته الأسبوعية، يوم الجمعة الموافق 6 نوفمبر، وجَّه آية الله علي السيستاني تحذيرًا شديد اللهجة إلى البرلمان العراقي؛ لوقف عرقلة جهود رئيس الوزراء، حيدر العبادي، الرامية إلى الإصلاح السياسي ومحاربة الفساد. في غضون ساعاتٍ من خطبة “السيستاني”، أعلن “العبادي” إلغاء رواتب ثلاثة نواب للرئيس، وثلاثة نواب لرئيس الوزراء، وأعرب عن اعتزامه المُضيّ قُدُمًا في إصلاحاته؛ التي تهدف إلى تنشيط حكومته، وتسريع حملة مكافحة الفساد. من جانبها رحَّبَت إدارة أوباما والبنتاجون بتدخل الرجل القوي، آية الله السيستاني. ذلك أن ثمة إجماع قوي داخل القيادة العسكرية الأمريكية على أنه لا يمكن إحراز أي نجاح ضد تنظيم الدولة في العراق بدون إجراء حزمة واسعة من الإصلاحات الحكومية في بغداد. وبغير هذه الإصلاحات، سيبقى العراق في حالة أزمة دائمة. إذ يُشَبِّه بعض القادة العسكريين الأمريكيين هذه الحالة بـ لبنان؛ حيث جعلت الصراعات الطائفية من المستحيل إجراء الانتخابات البرلمانية أو اختيار رئيس جديد. بل إن العواقب في حالة العراق أكثر تدميرا؛ نظرا لوجود تنظيم الدولة، والخطر المتزايد بشأن تقسيم البلاد على أسس طائفية. وهو ما حذر منه آية الله العظمى السيستاني خلال الصيف. ولأن الولايات المتحدة لديها الآن أكثر من 3500 جندي على الأرض في العراق- وربما عدد أكبر من المتعاقدين المدنيين- فإنها تدرك مدى هشاشة الوضع، بوضوحٍ هذه المرة أكثر مما سبق. وبينما يتجهز المستشارون العسكريون الأمريكيون لمساعدة الجيش العراقي في شن هجمات قتالية جديدة ضد تنظيم الدولة، ثمة بعض علامات استفهام خطيرة: هل ستقف القوات العراقية وتحارب، أم ستفرّ رغم الإمدادات والتطوير والتدريب الذي حصلت عليه؟ وهل ستتدخل حكومة بغداد في العمليات القتالية، عبر محاولة إدارة جزئياتها؟ حتى يتم الإجابة على هذين السؤالين الحيويين، لا توجد وسيلة للحكم على آفاق الانتصارات المتواصلة ضد تنظيم الدولة. في نهاية المطاف، يجب أن تُقنِع حكومةُ بغداد السكانَ السنة بأنهم سيحصلون على حصةٍ حقيقيةٍ من السلطة في مستقبل العراق. ودون التأكيد على ذلك، سيكون من المستحيل “كسب قلوب وعقول” السنة. أما المشكلة رقم واحد التي تواجه إدارة أوباما، وهيئة الأركان المشتركة في العراق، فهي: الفساد المستشري الذي يتغلغل في كافة جانب حكومة بغداد. في قلب هذه المشكلة يكمن حزب الدعوة الحاكم؛ الذي ينتزع 10% من إجمالي عائدات النفط في البلاد، ويقسمها بين زعماء الحزب العلويّ، الذي تتفشى فيه الفساد والطائفية. أحد مظاهر هذا الفساد العميق، هو تعيين نوري المالكي، خلال فترة توليه السلطة، أصدقاءه السياسيين في جميع الوظائف المدنية والعسكرية العليا، رغم أنهم كانوا تقريبا منعدمي الكفاءة تماما، فضلا عن فسادهم الكبير. صحيحٌ أن الجيش العراقي شهد بعض الإصلاحات المحدودة، تحت ضغطٍ قوي من الولايات المتحدة، لكن هذه الإجراءات كانت محدودة في أحسن الأحوال. وحتى آية الله العظمى السيستاني يدرك القيود المفروضة على تدخله لدعم جهود رئيس الوزراء العبادي الإصلاحية، من أعلى إلى أسفل. وهو لا يستطيع إغضاب المرشد الأعلى خامنئي بتجاوز مستوى معين، كما لا يمكنه فرض إصلاحاتٍ تؤدي في النهاية إلى الإطاحة بالعبادي عبر انقلابٍ من داخل حزب الدعوة. وحتى في ظل عمل مستشاري الولايات المتحدة العسكريين مع القادة العراقيين على وضع خطة تجريبية لشن عمليات هجومية عسكرية، ثمة قلق عميق حيال عجز الجيش العراقي عن الحفاظ على الأرض التي يستردها من تنظيم الدولة. وإذا استعادت القوات العراقية السيطرة على المدن الواقعة في المحافظات السنية، وفشلت في إدارتها، يخشى المخططون العسكريون الأمريكيون من أن يدفع ذلك السكان السنة المحليين الغاضبين إلى مطالبة تنظيم الدولة بالعودة؛ الأمر الذي سيكون وصفةً لتقسيم البلاد بشكل دائم. صحيح أن ثمة ثقة في جاهزية بعض الوحدات القتالية في الجيش العراقي للاشتباك مع العدو، لكن هناك قلق متزايد من أن الولايات المتحدة قد تنزلق مرة أخرى إلى مستنقع لا نهاية لها، بتكلفة تناهز المليارات من الدولارات شهريا. لهذا السبب هناك الكثير من الاهتمام، في واشنطن، بما إذا كان بإمكان العبادي والسيستاني إحراز أي تقدم حقيقي على درب الإصلاح. لكن إذا تعثرت هذه الجهود، حتى لو كانت هناك بعض المكاسب القتالية على المدى القصير، سترتفع المزيد من الأصوات في البنتاغون والكونغرس للمطالبة بخفض الولايات المتحدة لخسائرها، والانسحاب في وقت ما في المستقبل غير البعيد. فيما لن تؤدي حقيقة أن الولايات المتحدة حاليا في خضم انتخابات رئاسية إلا إلى زيادة الاستقطاب السياسي.