الرئيسية في العمق لماذا ينبغي على أمريكا وإسرائيل الترحيب بتشكيل تحالف سني؟

لماذا ينبغي على أمريكا وإسرائيل الترحيب بتشكيل تحالف سني؟

6 second read
0

كتبه: نوح فيلدمان*

ترجمة: علاء البشبيشي

هزيمة تنظيم الدولة عبر القصف الجوي مُستَبعَدة؛ وعليه ربما يكون حَريًّا بالولايات المتحدة، وإسرائيل أيضًا، الترحيب بخطوة تشكيل تحالف سني.

لمَّا كانت هزيمة تنظيم الدولة مستبعدة عن طريق القوة الجوية وحدها؛ ربما ينبغي على الولايات المتحدة وإسرائيل أيضًا، الترحيب بإعلان الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي اتفاق الجامعة العربية “من حيث المبدأ” على تشكيل قوة عسكرية مشتركة.

السياسات التي تمخض عنها الاقتراح تتعلق بـ: 

(1) رغبة مصر في إعادة تأسيس مكانتها في العالم العربي ما بعد الربيع العربي.

(2) رغبة المملكة العربية السعودية في منع نظام مدعوم إيرانيًا من إيجاد موطئ قدم له في اليمن.

ولنبدأ بمصالح مصر: لم يكن من قبيل المصادفة أن يتولى السيسي الإعلان الصادر عن القمة العربية في شرم الشيخ، بل لم تكن استضافته للقمة خبط عشواء. ذلك أن السياسة الخارجية جزء من جهود السيسي لترسيخ شرعيته بعد الانقلاب الذي قام به الجيش المصري على حكومة محمد مرسي المنتخبة. والعمل العربي العسكري الموحد تحت قيادة مصرية له معني رمزيّ كبير لدى المصريين. 

تاريخيًا؛ كانت مصر هي محور العمل العسكري العروبي. وما اكتسب جمال عبدالناصر مكانة دولية هائلة، وحظيت بلاده بنفوذٍ كبير؛ إلا بإبراز القوة العسكرية، وتصوير مصر- بموازاة ذلك- باعتبارها مركزا جغرافيا وجيوستراتيجيًا في العالم العربي. 

لفترة وجيزة بين عامي 1958 و1961 دشَّن ناصر وحدة مع سوريا- رغم أنها ليست مجاورة لمصر- لإنشاء الجمهورية العربية المتحدة. 

وفي عام 1962، بعدما انسحبت سوريا من الوحدة، خلع الضباط الناصريون النظام الملكي الذي كان آنذاك يحكم مملكة اليمن وأعلنوا قيام الجمهورية العربية اليمنية. ولخمس سنوات، دعمت القوات المصرية النظام اليمني الشمالي؛ خاض خلالها حربا أهلية ضد الملكيين المدعومين من السعودية والأردن. 

لكن الآن؛ توافقت المصالح السعودية والمصرية. ذلك أن المتمردين الحوثيين ينتمون إلى طائفة دينية تعرف باسم الزيديين، وهم وإن كانوا يختلفون بوضوح عن الشيعة الإثنى عشرية في حزب الله اللبناني-الإيراني، فإنهم شيعة بالمعنى العام، ويتلقون بالقبول خط الخلافة الذي يمرّ عبر علي بن أبي طالب، ابن عم النبي محمد وصهره (كما أن زيد بن علي، الذي يُنسَب إليه الزيديون، هو أحد أحفاد الإمام علي). 

انسجام/عداء جيوسياسي

هذه العلاقة كانت وثيقة بما يكفي ليقدم الإيرانيون دعمًا حماسيًا للحوثيين. لكن هذا الانسجام، بالطبع، جيوسياسي أكثر من كونه ديني. حيث يرى الإيرانيون أن السعوديين خصومهم في الخليج، وأي موطئ قدم لهم (الإيرانيون) في شبه الجزيرة العربية يمثل قطعة شطرنج هامة يُحتَمَل استخدامها ضد المملكة العربية السعودية. 

لكن على أي حال، لم تُصِرّ الجمهورية الإسلامية الإيرانية على وجود توافق دقيق في المعتقدات الشيعية عند اختيار حلفائها العرب. فرغم أن الشيعة الإيرانيين يُكِنُّون تعاطفًا دينيًا لنظام الأسد المنتمي للعلويين في سوريا أقل بكثير من الزيدين في اليمن، استمر الإيرانيون في علاقاتهم الوثيقة مع بشار حتى الآن. 

وفي المقابل، فإن آخر شيء يرغبه السعوديون هو قيام نظام مدعوم من إيران في اليمن. لهذا السبب قصف السعوديون صنعاء؛ لنزع زمام السيطرة من أيدي الحوثيين. وببساطة، يتمثل التحدي الذي يفرضه هذا القصف في أنه يبدو- من منظور إقليمي- وكأن السعودية تخوض حربا بالوكالة مع إيران في اليمن.

ويمكن للسعودية أن تحظى بالتعاون لقتال الحوثيين فقط من مصر وغيرها من الدول السنية. وهذا من إحدى جانبيه يجعل القتال يبدو أكثر شرعية إذا حظي بأنصار خارجيين. ومن جانبٍ آخر يُرِي إيران أن السعودية لديها حلفاء آخرين في العالم العربية السني.

مصدر القوة

ربما ليس للولايات المتحدة أي مصلحة في هذه الجولة الجديدة من الصراع بين السنة والشيعة إذا لم تستهدف تنظيم الدولة. لكن خلاصة القول: إن قدرة التنظيم على التجنيد وهيبته نابعتان من قدرته على السيطرة على الأراضي، وبسط سيادته عليها. ولإفشال تنظيم الدولة، سواء من الناحية النظرية أو العملية؛ ينبغي أن يبدأ بفقدان السيطرة على الأراضي التي يبسط عليها نفوذه. وحتى الآن، لم يتمكن القصف الجوي من تحقيق هذا الهدف الاستراتيجي.

ويبدو أن القوات البرية ضرورية إذا شن تنظيم الدولة هجوما مضادًا. صحيح أن قوات البشمركة الكردية أحرزت بعض التقدم في هذه المعركة، مثلما فعلت المليشيات الشيعية العراقية المدعومة من إيران. لكن، على المدى الطويل، سوف تكون هناك حاجة إلى قوات عربية برية لهزيمة تنظيم الدولة في سوريا. 

بيد أن السعوديين عازفين بوضوح عن توفير مثل هذه القوات البرية. حتى الأردن التي شنت هجمات جوية ضد أهداف تنظيم الدولة، من غير المحتمل أن تقدم الجزء الأكبر من القوات البرية هي الأخرى. 

مكاسب السيسي

إذا نجح التعاون العسكري السعودي-المصري-الأردني في اليمن، سوف يصبح من المتصور أن توفر القوات المصرية النواة الرئيسية للقوة البرية التي يمكنها العمل في نهاية المطاف ضد تنظيم الدولة. في مقابل ذلك، سوف يحصل السيسي على المال من السعوديين، لكن الأكثر أهمية هو أن مصر قد تستعيد بعض الهيبة الدولية التي فقدتها على مدى العقود الأخيرة. وهو ما يمكن أن يساعده أيضًا على تعزيز شرعيته في الداخل إلى حد كبير. فضلا عن أن انخراط القوات المصرية في مهمة عسكرية قد يُمكِّن السيسي من تعزيز سلطته على الجيش. 

حتى إسرائيل، يستبعَد أن تعترض. فمصر والأردن لديهما معاهدة سلام مع إسرائيل، أظهرت السعودية انفتاحا عليها في الماضي. ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يعتبر بوضوح إيران تهديدا جيوسياسيا رئيسيًا. وفي الصراع بين السنة والشيعة تبدو إسرائيل على نحو متزايد في الجانب السني.


* نوح فيلدمان؛ أستاذ قانون دولي ودستوري في جامعة هارفارد. وزميل مساعد في مجلس العلاقات الخارجية. ومؤلف ستة كتب، آخرها: “حرب باردة: مستقبل المنافسة العالمية”. وحاصل على دكتوراة الفلسفة في الفكر الإسلامي عام 1994 من جامعة أكسفورد. وولد وترعرع في عائلة يهودية أرثوذكسية.

طالع المزيد من المواد
طالع المزيد من المواد المنشورة بواسطة العالم بالعربية
طالع المزيد من المواد المنشورة في قسم في العمق

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

طالِع أيضًا

محمي: استعادة «الغمر والباقورة».. قمة جبل الجليد في العلاقات الباردة بين الأردن وإسرائيل

لا يوجد مختصر لأن هذه المقالة محمية بكلمة مرور. …