في العمق ما لا ينبغي تجاهله في أزمة الروهنجيا.. إطلالة على الصراع الجيوسياسي الأوسع نطاقًا لـ العالم بالعربية منشور في 0 second read 0 شارك على Facebook شارك على Twitter شارك على Google+ شارك على Reddit شارك على Pinterest شارك على Linkedin شارك على Tumblr الروهنجيا محاصرون في خضم صراع جيوسياسي أكبر يتجاوز حدود الأقلية المسلمة. في مستهل تحليل نشره موقع جيوبوليتيكال فيوتشرز يشير ماثيو ماسي إلى أن أقلية الروهنجيا، المحاصرون في غرب ميانمار، عالقون في نقطة اشتباك على رقعة الجغرافيا السياسية الإقليمية. ولأن المنطقة التي يعيشون فيها منذ فترة طويلة معزولة جغرافيا، ومحاطة تاريخيا بدول ضعيفة، فقد كانت غير محكومة إلى حد كبير لعقود، وهي الآن آخذة في التقلُّص. لعبة كبرى بينما تخرج ميانمار من عزلة دولية استمرت لعقود، تحاول الحكومة المركزية أن تبسط سيطرتها على النقاط المضطربة، وهي مهمة ليست يسيرة. في الوقت ذاته، تدفع الصين باتجاه الجنوب للبحث عن مدخل للوصول إلى المحيط الهندي وامتلاك نفوذ في دولة عازلة حاسمة. وبدافع الحذر، تبحث الهند، المجاورة لـ ميانمار، عن وسيلة لصد هذه القوى الزاحفة. وفي حين ستسعى الحكومة في العاصمة نايبيداو إلى اللعب على حبال القوتين الأكبر فإن الروهنجيا، عديمي الجنسية، ليس لديهم القدرة على القيام بذلك. مصالح الهند فى طريق العودة من مؤتمر “بريكس” فى الصين، بدأ رئيس الوزراء الهندى نارندرا زيارة استمرت ثلاثة أيام إلى ميانمار فى 5 سبتمبر، وهي أول زيارة له إلى هذا البلد منذ توليه منصبه. الغرض المعلن من الرحلة هو: تعزيز التعاون الثنائي في مجالات الأمن وتطوير البنية التحتية والتجارة. لكن الرسالة غير المعلنة هي: أن ميانمار ذات أهمية فريدة للهند. يتحتم على الهند تطوير مناطقها النائية، مثل تلك المتاخمة لحدود ميانمار، والملتهبة بفعل تحركات المتمردين. وقبل أن تمتلك القوة التي تستطيع أن تتبوأ مكانتها، يجب عليها تأمين حدودها والوصول إلى أسواق التصدير الأجنبية، لا سيما أسواق جنوب شرق آسيا. تحسين العلاقات مع ميانمار يجعل الهند أقرب إلى تحقيق هذه الأهداف. وسياسة “التحرك شرقًا”، التي تعني تحسين العلاقات التجارية والأمنية مع كل دول جنوب شرق آسيا، هي في الأساس تعبير عن اهتمام الهند بـ ميانمار، وهي السياسة التي تبشر بزيادة التنمية الاقتصادية والتجارة. من الجدير بالملاحظة أن استكمال بعض المشاريع ذات الصلة كان صعبًا: – لا يزال الطريق السريع بين تايلند وميانمار والهند غير مكتمل في بعض المناطق، ولا يزال تاريخ استكماله غير معروف. – تأخيرات أخرى طرأت على مشروع كالادان الذي يهدف إلى ربط ميانمار والهند عن طريق البحر والطرق البرية، ومن المتوقع ألا ينتهي قبل عام 2020. من المتوقع أيضًا أن يتحسن الأمن مع توثيق العلاقات بين البلدين؛ ذلك أن الحدود المشتركة سهلة الاختراق، وعمليات التهريب التي تمر عبرها وجدت طريقها إلى أيدي جماعات المتمردين في كلا البلدين، ناهيك عن بنجلاديش، كما قد يساعد التعاون الثنائي في كبح جماح الاتجار بالبشر. تستفيد ميانمار من هذا الترتيب أيضا؛ لأنها بحاجة ماسة إلى تطوير البنية الأساسية والتمويل. ولأن الصين، من خلال دبلوماسية دفتر الشيكات، هي أحد مصادرها الشحيحة للمساعدة؛ ويمكن للشراكة مع الهند أن تمنح ميانمار نفوذًا عندما تتفاوض على شروط الصفقات المستقبلية مع الصين. مصالح الصين فى الوقت ذاته، تسعى الصين إلى إقامة علاقات اقتصادية وأمنية أوثق مع ميانمار. يساعد ذلك على تحقيق المزيد من الضرورات الاستراتيجية لبكين: الوصول إلى المحيط الهندي من خلال الطرق البرية، وتحسين التنمية الاقتصادية لمقاطعاتها غير الساحلية. ووفقا لدراسة أجرتها وزارة الدفاع عام 2015 حول الجيش الصينى، فإن 82 فى المئة من النفط الخام الصينى و30 فى المئة من واردات الغاز الطبيعى من البحر تمر عبر مضيق ملقا. يتطلب الاقتصاد الصناعي الصيني واردات الطاقة وصادرات السلع المصنعة للعمل؛ مما يجعل طرق التوريد والإمداد البديلة ذات أهمية قصوى للصين. وحيث أن بكين لا تستطيع القيام بدوريات فى كافة أنحاء المياه من ماليزيا إلى باكستان؛ فإنها تحتاج إلى ميانمار لتطوير خطوط الإمدادات عبر جنوب وجنوب شرق آسيا. وبالفعل هناك ثمار لهذه الشراكة: ميناء كياوكبيو الذى يموله الصين، على خليج البنغال، يستقبل ناقلات النفط من الشرق الأوسط ومن ثم يضخ النفط إلى الصين. ومن المتوقع أن يوفر خط الأنابيب ستة فى المئة من واردات النفط الخام إلى الصين. كما تقدم ميانمار وسيلة لمساعدة الصين فى تطوير مقاطعاتها الداخلية، التى لم يكن نصيبها كبير من ثمار النمو الاقتصادى الصيني مقارنة بنظيراتها الساحلية. هذه المناطق غير الساحلية لديها دخل أقل وفرص اقتصادية أقل، ويجب أن تعتمد على الموانئ الساحلية للوصول إلى الأسواق العالمية، ما يخفّض أرباحها المحتملة. إحدى هذه المقاطعات هي يُونَّان الواقعة على الحدود مع ميانمار ولاوس وفيتنام: ثاني أفقر مقاطعات الصين من حيث الناتج المحلي الإجمالي. ومن شأن زيادة الاتصال ببلدان رابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان)، مع ميانمار كنقطة دخول، أن يوفر لمقاطعة يونَّان ومقاطعات أخرى مشابهة رؤوس الأموال والعمالة التي تشتد الحاجة إليها. كما أنها ستمكن بكين من إثراء هذه المناطق عن طريق التحايل على الحاجة للتصدير عبر الساحل، وهو ما تكافح الصين دوما لإنجازه. ومثل الهند، واجهت الصين صعوبة في استكمال بعض الأعمال الجارية: – على سبيل المثال، أخفقت الصين في استكمال مشروع سد ميتسون؛ بسبب الشكاوى المتعلقة بالفيضانات والآثار البيئية وحصول بكين على الحصة الأكبر من الكهرباء المنتجة. سوف تأخذ ميانمار ما يمكن أن تحصل عليه، لكن باعتبارها قوة اقتصادية وعسكرية أدنى شأنا، ليس أمامها خيار سوى أن تلعب على حبال عمالقة آسيا، وانتزاع أفضل صفقة ممكنة من بين أنيابهم. في هذه الأثناء، تستحوذ أزمة الروهنجيا الإنسانية على اهتمام وسائل الإعلام، لكن أهميتها الجيوسياسية الحقيقية ستقاس بمدى تأثيرها في الصراع الأكبر الجاري على السلطة.