الرئيسية في العمق مخاطر غياب الرقابة على الإنتربول.. من يحاسب الشرطة الدولية؟

مخاطر غياب الرقابة على الإنتربول.. من يحاسب الشرطة الدولية؟

0 second read
0

أضواء خافتة تلقي بظلالها على شارع شبه مظلم، ومطر يلمع كلما قَبِّلت قطراته الحصى. رجل يرتدي معطفًا طويلًا، تقف ياقته متأهبة تنظر إلى الأعلى، يلقي نظرة متعبة ويسحب النفس الأخير من سيجارته قبل أن يذوب في الظلال.

حسنا، ربما تكون قد شاهدت الكثير من أفلام التجسس، لكن هذا هو نوع المشاهد التي تحلق في الذهن عند سماع أو قراءة اسم منظمة الشرطة الجنائية الدولية (إنتربول)، بحسب التقرير الذي نشرته دويتشه فيله الألمانية.

ظروف التأسيس

برز مفهوم منظمة الشرطة الدولية لأول مرة في أبريل 1914، خلال المؤتمر الدولي الأول للشرطة القضائية في موناكو. كان المحققون الجنائيون البارزون يشعرون بالإحباط من تزايد قدرة المجرمين على تجنب القبض عليهم بمجرد مغادرتهم البلاد، مستفيدين من “التقدم في عالم السيارات، وحتى الطيران”.

في هذه الآونة، كانت هناك حاجة إلى إيجاد نهج عالمي لمعالجة المشكلة: عولمة الجريمة كان ينبغي كبح جماحها بأداة ذات طابع دولي”.

أجّلت الحرب العالمية الأولى تطوير الفكرة مؤقتا، لكن في عام 1923 خلال المؤتمر الثاني للشرطة القضائية، أنشئت لجنة للشرطة الجنائية الدولية في فيينا، وهي الشكل الأولي للمنظمة الدولية للشرطة الجنائية (الإنتربول).

وفقا لقوانينها التأسيسية، كانت اللجنة تعمل “على الاستبعاد التام لجميع المسائل ذات الطابع السياسي أو الديني أو العرقي”. ولم يكن لها سلطة قانونية على الدول الأعضاء، بل يقتصر عملها على جمع المعلومات الاستخبارية وتصنيفها وتنسيق الاتصالات بين مختلف قوات الشرطة الدولية.

كيف تعمل المنظمة؟

لإبقاء الإنتربول محايدا سياسيا قدر الإمكان، يحظر ميثاقه أن تقوم المنظمة باعتقالاتها الخاصة، أو التدخل في قضايا سياسية أو عسكرية أو دينية أو عنصرية.

بدلا من ذلك، تعمل في الخلفية وتجمع المعلومات الاستخباراتية وتنسق وتيسر الجهود الشرطية لمكافحة أي شيء بدءًا من الإرهاب وجرائم الحرب والاتجار بالمخدرات وصولا إلى إباحية الأطفال والفساد.

يبلغ حجم الميزانية السنوية للإنتربول، التي يتخذ من ليون مقرا له، نحو 78 مليون يورو (91 مليون دولار)، توفر معظمها عبر مساهمات سنوية تقدمها البلدان الأعضاء والبالغ عددها 190 بلدا.

ويبلغ عدد الموظفين، ومعظمهم من موظفي الخدمة المدنية الدولية والشرطة المُعارة من قوات الشرطة الوطنية، حوالي 650 شخصا.

غياب الرقابة

من الانتقادات الرئيسية الموجهة إلى منظمة الشرطة الجنائية الدولية (إنتربول) عدم وجود تدقيق خارجي لعملياتها.

تتكون الجمعية العامة للمنظمة التي تجتمع مرة واحدة في السنة من خبراء من الشرطة، ويحكمها نظام التصويت بالأغلبية ما يعني أن الاعتراض الذي يبديه عضو ما بشأن قضية معينة يمكن أن يتم تجاهله لصالح الأغلبية.

ولا يخضع الإنتربول للمساءلة أمام أي محكمة أو هيئة خارجية، وليس ملزمًا بتقاسم أي بيانات مع أي شخص آخر غير أفراد الشرطة الخاصة به وهيئة الاستئناف الخاصة به.

كما أن عملياته تفتقر إلى الشفافية عمدًا؛ بذريعة حماية معلومات إنفاذ القانون. وباختصار: إذا قام الإنتربول نفسه بكسر قواعده الخاصة، فلا يوجد أحد ليحاسبه على ما يفعل.

يوروبول.. نموذج أكثر انضباطًا

على النقيض من ذلك توجد وكالة تطبيق القانون الأوربية (يوروبول)، وهي أيضا منظمة دولية لتنسيق عمل الشرطة، لكنها تأسست على طريقة المجتمع الأوروبي.

يوافق البرلمان الأوروبي على ميزانية هذه الوكالة، ويضطلع بدور في التعيينات العليا، لذلك هناك تدقيق برلماني لصالح المواطنين. كما تمتلك محكمة العدل الأوروبية سلطة الرقابة على اليوروبول، لذلك هناك فحص قضائي أيضا.

طالع المزيد من المواد
طالع المزيد من المواد المنشورة بواسطة العالم بالعربية
طالع المزيد من المواد المنشورة في قسم في العمق

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

طالِع أيضًا

محمي: استعادة «الغمر والباقورة».. قمة جبل الجليد في العلاقات الباردة بين الأردن وإسرائيل

لا يوجد مختصر لأن هذه المقالة محمية بكلمة مرور. …