الرئيسية في العمق هبوط الدولار…فوائد خليجية وصداع أمريكي

هبوط الدولار…فوائد خليجية وصداع أمريكي

0 second read
0

“مصائب قوم عند قوم فوائد”.. مقولة تنطبق على هبوط الدولار إلى مستويات قياسية مقابل اليورو والجنية الإسترليني وسلة العملات الرئيسية الأخرى ، خاصة بعد أن سبب ذلك صداعًا لأمريكا، لكنه أسهم في زيادة أرباح دول الخليج المصدِّرة للنفط.
يؤكد الخبير الاقتصادي “توماس هايوود”، من مجموعة إنِرجي إنتليجنس: إنه كلما ازداد هبوط الدولار، كلما ارتفعت أرباح النفط الخليجية، وفي نفس الوقت تزايدت حدة الصداع الأمريكي. فهبوط أسعار صرف الدولار يعني دفع أسعار النفط العالمية، لتتعدى حاجز 100 دولار للبرميل، الأمر الذي يفرز زيادة مباشرة في أرباح الدول المصدِّرة للنفط.
انتعاش خليجي
ووفقًا للإحصائيات،  أثمر هبوط للدولار وارتفاع النفط مكاسب إضافية للدول النفطية: فالبحرين، أحد أعضاء مجلس التعاون الخليجي، تحقق حاليًا أرباحًا إضافية من عائدات البترول تقدر بـ 30 مليون دولار يوميًا، بينما تحقق الإمارات العربية المتحدة 120 مليون دولار إضافية يوميًا، وكذلك تحقق السعودية 380 مليون دولار إضافي يوميًا.
وبوجه عام أنعشت هذه التغيرات أسواق المال العربية في مجملها؛ نتيجة عوامل عديدة، أهمها: الأسعار القياسية للنفط، وقد خفَّض مجلس الاحتياط الفيدرالي الأمريكي أسعار الفائدة ربع نقطة مئوية، مما أضعف الدولار الأمريكي، أمام اليورو والجنيه الاسترليني والدولار الاسترالي، والفرنك السويسري.
ونظرة سريعة على أسهم دول مثل السعودية والإمارات والكويت وقطر، في الفترة الأخيرة، تنبئك بالخبر اليقين.
لا يخلوا من كدر
يشير المحللون الاقتصاديون إلى أن هذا الهبوط في أسعار الدولار كان له بعض الأضرار السلبية على دول مجلس التعاون الخليجي، حيث أدى ارتباط أسعار صرف العملات الخليجية بالدولار الأمريكي إلى تراجعها.
وللتأكيد على هذا التأثير السلبي صرَّح رئيس الوزراء القطري، الشيخ حمد ابن جاسم بن جبر آل ثاني، بأن انخفاض سعر صرف الدولار له تأثيرات سلبية على الاقتصاد القطري، نتيجة ارتباط سعر صرف الريال القطري بالدولار الأمريكي. ليس ذلك وفقط، بل قال “الشيخ حمد”، و بصورة مباشرة: إن : ” ضعف الدولار يفيد المشروعات الاستثمارية القطرية”.
يأتي ذلك رغم تأكيد المراقبين، والخبراء المختصين بأسواق المال على أن التأرجحات الحالية لن تؤثر كثيرًا على صغار المستثمرين في البورصات الخليجية؛ وذلك لمحدودية مدخراتهم، ولا على أداء مؤشرات الأسهم الخليجية بشكل عام.
لكن تبقى إمكانية رفع معدلات التضخم في الخليج إلى مستويات قياسية، وهو الأمر الذي بدأت بوادره بالفعل في الظهور، كما في الإمارات على سبيل المثال.
نقطة تحول في النظام المالي
صحيفة واشنطن بوست الأمريكية نشرت تقريرًا بعنوان الدولار في خطر، حذرت فيه من مخاطر الوضع الحالي، الذي أطلقت عليه “نقطة تحول في النظام المالي العالمي”، خاصة بعد تغير ما كان يُعرف سابقًا بالنظام المالي الذهبي، على يد الرئيس الأمريكي “ريتشارد نيكسون”، حيث فك ارتباط الدولار بالذهب بدءًا من العام 1971.
وهكذا أصبح الذهب معدنًا ولم يعد نقدًا يمكن استعماله كقوة شرائية في الأسواق على غرار ما كان يُعمل به في الماضي. وبقي الدولار هو القاطرة التي تجر وراءها معظم العملات، وقال “نيكسون” وقتها: (الدولار عملتنا، وتلك مشكلتكم)!
ورغم أن الإمارات العربية وقطر ما زالتا مترددتين في فك ارتباط عملتيهما بالدولار، إلا أن التحرك على الأسلوب الكويتي أصبح أكثر احتمالاً الآن؛ نتيجة زيادة ضغوط التضخم في المنطقة، فضلاً عن تصريحات محافظ مؤسسة النقد العربي السعودي” حمد السياري” والتي أكد فيها أن “حدوث هبوط كبير قي قيمة الدولار عن هذا الحد يمكن أن يشكّل مصدر قلق كبير للسلطات النقدية، وربما أجبرها على إعادة ربط الريال السعودي بسلة من العملات المتعددة على النمط الكويتي”.
وهو التحرك الذي سيثمر – إنْ حدث وعدلت السعودية ربط عملتها بالدولار- موجة من الإجراءات المماثلة في دول مجلس التعاون الخليجي بأسرها.
هذه التطورات جعلت أصوات الكثيرين تعلوا، مطالبة بفك ارتباط العملات الخليجية والعربية بالدولار، محذرين من كثيرٍ من المشكلات والأزمات المستقبلية – على المدى القريب وليس البعيد – سيكون الخاسر الأكبر فيها الدول المرتبطة عملاتها بالدولار. الأمر الذي وصفه “توماس فريدمان” في صحيفة “نيويورك تايمز” بـ (السيف الذي يقترب لجز الرؤوس)، فالدولار هو عملة العالم ومعضلته الكبرى في الوقت الراهن.
لقد بدأ العد التنازلي لانهيار الدولار منذ فترة، لكن وتيرة الهبوط زادت مؤخرًا، لدرجة أن الكثيرين رفعوا شعار (كفانا دولارًا)، ولنذهب لـ (سلة العملات).

طالع المزيد من المواد
طالع المزيد من المواد المنشورة بواسطة العالم بالعربية
طالع المزيد من المواد المنشورة في قسم في العمق

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

طالِع أيضًا

محمي: استعادة «الغمر والباقورة».. قمة جبل الجليد في العلاقات الباردة بين الأردن وإسرائيل

لا يوجد مختصر لأن هذه المقالة محمية بكلمة مرور. …