في العمق هكذا أصبح أكراد العراق رهائن في الصراع على السلطة بين القوى الإقليمية والعالمية لـ العالم بالعربية منشور في 5 second read 0 شارك على Facebook شارك على Twitter شارك على Google+ شارك على Reddit شارك على Pinterest شارك على Linkedin شارك على Tumblr صوَّت أكراد العراق يوم 17 أكتوبر 2017 لصالح الاستقلال، لكن الأطراف الرئيسية في المنطقة لا ترغب في حدوث ذلك. صحيحٌ أن تفكك العراق كدولة كان واضحا منذ سنوات، لكن النزاع الأخير يشير إلى أن الوضع لن يتحسن بأي شكل. وعلى الرغم من أن غالبية الناخبين الأكراد يؤيدون الاستقلال، يستبعد كامران بخاري في جيوبوليتيكال فيوتشرز أن يحظى كردستان العراق بالاستقلال. بل استدعت هذه الأزمة عددًا من الدول الأخرى، أبرزها إيران وتركيا، التي شجعت بغداد على كبح الحركة الانفصالية الكردية المتنامية. خلاف طويل تشير التقارير الأخيرة إلى أن قوات الأمن العراقية لا تواجه مقاومة تذكر من قوات حكومة إقليم كردستان التي تحكم المنطقة الكردية الشمالية. وكانت حكومة إقليم كردستان تسيطر على محافظة كركوك الغنية بالنفط منذ عام 2014، عندما تخلت القوات العراقية عن المنطقة عندما اقترب مقاتلو تنظيم الدولة. لكن الجنود العراقيون استولوا الآن على منشآت الطاقة والمنشآت العسكرية الرئيسية. جزء كبير من هذا الوضع يعود إلى الانقسامات بين أكراد العراق، حيث عقد حزب الاتحاد الوطني الكردستاني- ثاني أكبر حزب في المنطقة- اتفاقا مع بغداد وطهران وسحب قواته من المنطقة عندما تقدم الجيش العراقي. العراق-الأكراد-كركوك الخلاف بين بغداد وأربيل ليس جديدًا. فبعد سقوط نظام صدام حسين في عام 2003، ساعدت واشنطن البلاد على وضع نظام سياسي جديد يسمح للشيعة- الذين يشكلون الأغلبية في العراق- بالسيطرة على الحكومة المركزية ومنحت الأكراد حكمًا ذاتيًا لإقليم كردستان. لكن هذا الترتيب الجديد عانى من عيبين رئيسيين: أولا؛ تهميش الأقلية السنية، مما أدى إلى تمرد ضخم أدى إلى صعود تنظيم الدولة. وثانيا؛ أدى إلى صراع مرير بين الشيعة والأكراد، حيث واصل الفصيل الأخير الضغط لانتزاع مزيد من الحكم الذاتي، وخاصة بخصوص الحق في تصدير النفط والغاز وبسط المزيد من قوتهم جنوبا. لسنوات عديدة، نجح احتواء الاحتكاك بين الشيعة والأكراد العراقيين بسبب تهديد التمرد السني. وشارك الجانبان فى جولات متعددة من المفاوضات لحل نزاعهما حول السيطرة على موارد النفط والغاز وتقاسم العائدات. لكنهما لم يتمكنا أبدا من التوصل إلى اتفاق. ولأنها منطقة غير الساحلية، احتاجت حكومة إقليم كردستان إلى شركاء لمساعدتها في تصدير النفط دون مساعدة من الحكومة المركزية؛ ولذلك أقامت علاقات وثيقة مع تركيا المجاورة. أشعل ذلك غضب بغداد من إربيل وأنقرة، لكنها لم تفعل شيئا يذكر لعرقلة الترتيبات بين الأكراد العراقيين والأتراك. واستمر هذا الوضع الراهن، إلى أن ظهر تنظيم الدولة في عام 2014، واستولى على الموصل، ثاني أكبر مدن العراق. وعندما انسحب الجيش العراقي من المدينة، الواقعة يقع جنوب كردستان العراق، شكل ذلك تهديدا وفرصة للأكراد: كان تهديدا؛ لأنه ترك الأكراد عرضة لهجوم داعش. لكنه أيضًا مثّل فرصة؛ لأن مغادرة القوات العراقية من المنطقة يمكن أن يسمح لقوات حكومة إقليم كردستان بالاستيلاء على أراضٍ إضافية. ثم أدى عجز تنظيم الدولة عن التوسع في كركوك إلى ترك هذه المنطقة تحت سيطرة حكومة إقليم كردستان. وبعد صراع دام ثلاث سنوات، أدى تحرير الموصل في يوليو الماضي إلى تهيئة الظروف أمام الأكراد لبسط سيادتهم الكاملة على المنطقة. ومع تراجع خطر داعش، أصبح الصراع بين الشيعة والأكراد هو التحدي الأكبر الذي يواجه البلد. الآثار الأوسع نطاقا إذا انتقلت كردستان العراق من منطقة ذاتية الحكم تابعة للعراق إلى دولة مستقلة سيكون لذلك انعكاسات خطيرة على أمن الدول المجاورة وخصوصا تركيا وإيران وهما أقوى قوتين في المنطقة، ويخوضان صراعا طويل الأمد من أجل التأثير في العراق وسوريا، فضلا عن الشرق الأوسط الأوسع. وعندما ساعدت تركيا حكومة إقليم كردستان لتسهيل صادرات الطاقة، كانت في الواقع تحاول لمواجهة تأثير إيران، فيما ترى الدولة الأخيرة الحكومة التي يهيمن عليها الشيعة في بغداد كحليف. لكن عندما يتعلق الأمر باستقلال الكرد، فإن الأتراك والإيرانيين يجمعهما بالفعل مصالح مشتركة. وكلاهما يواجه حركات انفصالية كردية، على الرغم من أن الحركة أقوى في تركيا التي تضم أكبر عدد من الأكراد في أي بلد داخل الشرق الأوسط. ولذلك، عارضت أنقرة وطهران تحرك الأكراد العراقيين نحو الاستقلال، وسيكون من مصلحتهما أن تستعيد الحكومة العراقية السيطرة على كركوك. ومما يبعث على التفاؤل أيضا أن الولايات المتحدة تعارض التحرك الكردي نحو الاستقلال. صحيح أن حكومة إقليم كردستان حليف رئيسي لواشنطن، ومن نواح كثيرة شريكا أقرب بكثير من الحكومة المركزية العراقية نظرا لعلاقات بغداد الوثيقة مع طهران، لكن الاستقلال الكردي ليس في مصلحة أمريكا؛ لأنه سيزيد من تفاقم الصراعات القائمة في المنطقة. وفي حال دعمت واشنطن استقلال كردستان، فإنها قد تشجع الأكراد في سوريا وتركيا على الدفع من أجل الاستقلال، الأمر الذي سيخلق مشاكل أكثر بكثير بين تركيا والولايات المتحدة. لذلك يرجح كامران بخاري أن تحاول الولايات المتحدة التوسط للتوصل إلى هدنة بين بغداد وإربيل، لكنها ستحرص على البقاء بعيدا عن القضية كما فعلت عندما استولت القوات العراقية على كركوك من قبضة إقليم كردستان. وستنخرط تركيا وإيران بعمق أكبر نظرا إلى التداعيات المباشرة الأكبر بالنسبة لهما، وكلاهما يريد منع الأكراد العراقيين من المطالبة بالاستقلال والتوسع جنوبا، لكن هذا هو سقف أهدافهما المشتركة. وفي النهاية- حسبما يخلُص التحليل- سيبقى الأكراد العراقيون رهائن في الصراع على السلطة بين القوى الإقليمية والعالمية. أما بالنسبة للعراق، فستظل دولة فاشلة: معترف بها دوليا كبلد ولكنها غير قادرة فعليا على التصرف كدولة موحدة.