هكذا تحولت قطر من دولة فقيرة إلى لاعب صاعد

تحوَّلت قطر من أحد أفقر البلدان في العالم إلى لاعبٍ صاعد في العالم الإسلامي والعربي؛ باستخدام صادرات الغاز الطبيعي المسال.

أدى هذا التحول إلى استقرار الاقتصاد القطري، ومكَّن البلاد من ملاحقة طموحات سياستها الخارجية.

كما عزز هذا النمو المتلازم بين صادرات الدوحة من الغاز الطبيعي المسال والاقتصاد المحلي الاستقرار الاجتماعي والسياسي في الإمارة. 

وبتعداد سكانها الذي يقل عن 400 ألف نسمة، حققت قطر أحد أعلى معدلات النمو في نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي على مستوى العالم خلال السنوات الأخيرة. 

ومن خلال الاستفادة من ثروتها النسبية، وتعداد سكانها الصغير والمستقر، أطلقت الدوحة مبادرة مستقلة عن جيرانها الأكبر في المنطقة على صعيد السياسة الخارجية. 

وكم كان هذا الاستقلال الإقليميّ هاما لهذا البلد الذي قضى معظم تاريخه في ظل العملاقين المجاورين: المملكة العربية السعودية وإيران. بل وحتى خضع في فترةٍ ما لحكم النظام الملكي الذي يحكم جزيرة البحرين الصغيرة. 

ولأن جزءًا كبيرًا من استراتيجية الدوحة يعتمد على استخدام ثروتها لشراء النفوذ، وتمويل المجموعات الإقليمية، والتوسط في الصراعات بشكل مستقل عن جيرانها؛ فإن سياسة الطاقة القطرية- وبالتالي مستقبلها الاقتصادي- يرتبط مباشرة بأهداف سياستها الخارجية.

الآن، ومع تزايد القيمة الاستراتيجية لاستثماراتها في الخارج، تعيد قطر النظر في كيفية ربط فرصها الاقتصادية بمبادئها السياسية. 

على سبيل المثال: أظهرت الدوحة- أواخر 2014- ترددًا حيال استئناف شحناتها من الغاز الطبيعي المسال إلى القاهرة، للمساعدة في تعويض الاحتياجات المصرية المتزايدة من الغاز المصري، تاركةً منافسَيها الإقليميين المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة يواصلان تحمل عبء الاحتياجات الاقتصادية المصرية الكبيرة من تلقاء نفسيهما. 

صحيح أن مركز قطر المالي لا يتغير، إلا أن الضغوط الإقليمية سوف تدفع الدوحة إلى التأقلم مع استخدام ثروتها لتعزيز امتيازاتها الإقليمية. 

ومن المرجح مستقبلا أن تحدّ الدوحة من استثماراتها في المنطقة، لصالح تلك الأنشطة التي تعزز طموحات سياستها الخارجية، وتعود عليها بدرجة معينة من الجدوى الاقتصادية.