صحافة عالمية فرنسا وعسكرة الخليج لـ العالم بالعربية منشور في 2 second read 0 شارك على Facebook شارك على Twitter شارك على Google+ شارك على Reddit شارك على Pinterest شارك على Linkedin شارك على Tumblr ترجمة وعرض: محمد بدوي عادت فرنسا من جديد لتكريس حضورها الاستراتيجي في البلاد العربية بافتتاح قاعدة عسكرية دائمة في دولة الإمارات العربية المتحدة التي تقع في قلب الخليج وبمحاذاة إيران، أغنى المناطق بالنفط في العالم، ولم تأتِ هذه المرة بعد ما سيّرت حملاتها العسكرية كما فعلت من قبل مع الجزائر ومصر وبلاد الشام ولكن جاءت باتفاق مع المسئولين وولاة الأمر في هذه المنطقة . الصحف الفرنسية تؤكّد أنّ تلك القاعدة العسكرية التي دشَّنها الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي في الإمارات أكبر بكثير من مجرّد ما يُوحِي به الحدث ظاهريًا، فلأول مرة منذ خمسين عامًا، وأساسًا منذ استقلال مستعمراتها الإفريقية السابقة، تُقِيم فرنسا قاعدة عسكرية دائمة خارج حدودها. ولأول مرة كذلك يضع الفرنسيون أقدامهم بشكل دائم في الخليج، في منافسة واضحة لأمريكا وإيران على تلك المنطقة الغنية بالثروات النفطية والمالية. قلب الموازنات الاستراتيجية ووصفت صحيفة “لوفيجارو” تدشينَ القاعدة العسكرية في أبو ظبي بمثابة قلب لكافة الموازنات الاستراتيجية الفرنسية في السياسة الخارجية الفرنسية، موضحةً أنه لأول مرة تملك فرنسا قاعدةً عسكريةً في منطقة استراتيجية لا تنتمي إلى مستعمرات فرنسا السابقة. وأيّدت الصحيفة القريبة من اليمين الحاكم بفرنسا هذا التوجُّه الجديد بالتوسُّع العسكري لفرنسا على الرغم من أنه سيجلب العديد من انتقادات المعارضين لساركوزي من قبيل القول إنه أصبح أكثر من أي وقت مضى يجاري سياسة الولايات المتحدة الخارجية، وإنه أمر قد يجلب العديد من التبعات السلبية على فرنسا. وأضافت الصحيفة أنّ القاعدة بُنِيت بتمويلٍ من دولة الإمارات العربية المتحدة وبطلب منها وتحتوي- فضلاً عن قاعدة بحرية يبلغ طولها 300 متر، وقادرة على استقبال المدمرات البحرية- قاعدةً جوية بها مهبط للطائرات، كما ستتوفر قاعدةً برية لتدريب الجنود. القاعدة البحرية الفرنسية يمكنها أن تستقبل قطعًا منها غواصات وسفينة تجسُّس وحاملة طائرات بدفع نووي. أما القاعدة الجوية، فقد وصلت إليها طائرات رافال، وكلُّ ذلك يفترض أن يشكِّل واجهة لعرض وتسويق آخر المبتكرات الفرنسية في مجال التسلح. عين على إيران وأثار الاتفاق الفرنسي الإماراتي على إقامة الموقع الاستراتيجي الفرنسي الأول في الخليج تساؤلات عديدة أبرزها هل تُمَهّد باريس للمشاركة في عدوان أمريكي إسرائيلي على إيران أم تكتفي بالمشاركة في فرض مزيد من العقوبات عليها حال اتُّفِق على ذلك. ولم يَفُتْ المعلقين الفرنسيين الإشارة بأن فرنسا أصبحت تُجازِف بجنودها حيث وضعتهم على مقربة من أبرز بؤر التوتر في العالم: العراق وأفغانستان وباكستان وقراصنة الساحل الصومالي، والأهم من ذلك إيران التي أصبحت على بُعْد 200 كيلومتر منهم، فضلاً بطبيعة الحال عن الوقوف عند مضيق هرمز الذي تَمُرّ منه 40 % من إمدادات النفط العالمية. وبلا شك فإنّ من أبرز هذه المجازفات، وكما قالت صحيفة لوموند، أنّ فرنسا صارت اليوم على خط النار الأول في حال تدهور الأوضاع الإقليمية، ناقلة على لسان مسئول فرنسي لم تسمه أنه إذا ما قامت إيران بهجوم ما فإن ذلك يعنِي أيضًا مهاجمتنا. لكن الصحف الفرنسية الرسمية دافعت عن إقامة القاعدة وقدمت البراهين على أهميتها ومن بينها إمكانية المشاركة في أي حصار على إيران، وإمكانية تقديم الدعم للأمريكيين أو الإسرائيليين في حال تقرر ضرب المنشآت النووية الإيرانية، بما في ذلك إقفال مضيق هرمز في وجه السفن الإيرانية، وإمكانية المشاركة العسكرية الفرنسية في توجيه الضربات لإيران. مآرب أخرى وانتهز ساركوزي فرصة زيارته إلى الإمارات برُفْقة عدد من مديري أكبر الشركات الفرنسية، لدعم الاقتصاد الفرنسي الذي يعاني من ويلات الأزمة المالية تحت عناوين تزويد الإمارات بمفاعلات نووية وتوريد عدد من طائرات رافال لتحلّ مكان طائرات ميراج وتدشين متحف “اللوفر أبو ظبي”. ونقلت وكالة فرانس برس عن مصادر بالرئاسة الفرنسية، أنه يفترض أن تمنح الإمارات لفرنسا عقدًا لإنشاء أكثر من مفاعلين نوويين من الجيل الجديد بقيمة تتراوح بين 25 و50 مليار يورو في منتصف سبتمبر المقبل . وحول صفقة طائرات رافال التي لم تَحْظَ بأي فرصة للتصدير حتى الآن؛ قال وزير الخارجية الإماراتي الشيخ عبد الله بن زايد في تصريح للوكالة: إن المفاوضات مع الفرنسيين حول شراء 60 مقاتلة من طراز “رافال 2000” لتحل محل طائرات ميراج التي ظلت دون استعمال منذ اشترتها من فرنسا أيضًا قبل سنوات، لتهدي شركة داسو المصنعة هدية نادرة بمواصلة الحياة لمدة ثماني سنوات إضافية في زمن انهيار الشركات. فقيمة الصفقة تبلغ حوالي 8 مليارات يورو، أي ما يزيد على عشرة مليارات دولار. ولم يهمل ساركوزي- اليميني التوجه- الجانب الثقافي في عقد صفقاته مع الإمارات حيث وقّع اتفاقية غير مسبوقة مدتها ثلاثون عامًا وقيمتها مليار يورو، تقوم فرنسا بموجبها بتطوير وتشغيل متحف “اللوفر أبو ظبي”على مساحة 24 ألف متر مربع . لا كمجرد فرع لمتحف اللوفر الفرنسي، بل كمتحف عالمي يستأجر ويشتري قطعًا من اللوفر الباريسي وغيره من المتاحف الفرنسية وغير الفرنسية. وتلتزم الإمارات في هذه الصفقة المزدوجة بدفع 400 مليون يورو مقابل حقّ استخدام اسم اللوفر، إضافة إلى مليار يورو مقابل تصميم المتحف وبنائه. وهذا يذكرنا بتصميم الإمارات أيضًا على افتتاح فرع لمتحف جوجنجهايم الموجود في نيويورك وفرع آخر لجامعة نيويورك. وإذا كان ما سبق لا يعدو أن يكون تنفيذًا للخطط الفرنسية على أراضٍ عربية، فإن النظرة الخليجية والعربية لهذا الحدث الاستراتيجي لا بدّ أن تنتبه للوضع في هذه المنطقة الذي يزداد تعقيدًا ليس فقط بسبب تطوراتها الخاصة اليومية لدولها وإنّما أيضًا بسبب تعدُّد وتنوع الفاعلين الدوليين في قضايا ومعادلات تلك المنطقة الاستراتيجية في العالم. الإسلام اليوم