أقليات محسن محيي الدين: عزيزي العالم الإسلامي لـ العالم بالعربية منشور في 3 second read 0 شارك على Facebook شارك على Twitter شارك على Google+ شارك على Reddit شارك على Pinterest شارك على Linkedin شارك على Tumblr ترجمة/ علاء البشبيشي إليكَ، مجتمعي المسلم، أكتب، باعتباري مسلمًا أمريكيًّا، وعضوًا في الجماعة الإنسانية أعلم أننا كمسلمين نشعر بالإحباط تجاه مجتمعاتِنا: في باكستان وأفغانستان تحدث تفجيرات انتحارية، تُقتل فيها نساء وأطفال أبرياء، بصورة شبه أسبوعية، وفي اليمن عاد عملاء القاعدة للظهور بهدف السيطرة على البلاد، وفي إيران شهد العام 2009 حملة عنيفة شنَّتْها الحكومة ضد المتظاهرين العُزَّل، وفي أمريكا، قام رجل مصاب بالذهان (لا أعتبره مسلمًا) بقتل نساء ورجال أبرياء ينتمون للقوَّات المسلَّحة في فورت هود، حيث تتم تدريبات مكافحة التطرُّف في أفغانستان.أرى أن العالم، ومجتمعنا الإسلامي (جزء منه)، تجتاحه أوبئة القتل والفقر والحرب والاضطرابات السياسيَّة، وأننا بِتْنا نعيش في خوفٍ وارتباك.في الجزء الأول من هذه السلسلة ذات الجزأين خاطبتُ أمريكا من وجهة نظر إسلامية، لافتًا الأنظار نحو القضايا والمظالم التي يشعرُ بها العديد من المسلمين تجاه السياسات الخارجية الأمريكيَّة، وتزايد سوء الفهم في الغرب أن الإسلام يمثل تهديدًا لتوازن الحضارة، وهنا، في الجزء الثاني، أغتنم الفرصة لأتحدث مباشرة إلى مجتمعي المسلم.. إلى عالمنا الإسلامي.أكتب عن إخفاقاتنا -تلك التي نتحمل مسئوليتها وحدنا- وعن التحديات التي نواجهُها كمجتمع بسبب التطرف الإسلامي والقيادة الفاشلة للدول الإسلامية، وعن الصمت المدوِّي للأغلبية التي يبدو عليها الرضا، ورغم كل ذلك فإن الحلول موجودة بداخلنا -نحن عامة المسلمين- داخل مساجدنا، وفصول دراستنا، وعلى طاولة طعامنا، وفي أزِقَّة مدننا حول العالم.هذا الجزء الثاني، مُفَصَّل ومُطَوَّل، لكن تركيز الأفكار وعمقها والملاحظات التي يحتويها يُسوِّغ هذا الأسلوب، وعليه فسأقوم بنشر الجزء الثاني في ست حلقات، (واليوم موعدنا مع)الحلقة الأولى التي تتضمن مقدمة بعنوان: عزيزي/ العالم الإسلاميبسم الله الرحمن الرحيمعزيزي/ العالم الإسلامينحن على مفترق طرق، فلم نكن في أي مرحلة من التاريخ أكثر فرقة، وفقرًا، وجهلا، نُعاني من العُنف، والاضطراب السياسي، والتطرف المدمِّر.في يوم 28 أكتوبر، كانت سيارة مفخَّخة تنهب الأرض صوب “سوق مينا” المزدحم الذي يرتادُه مئات من نسائنا وأطفالنا –الذين يمثِّلون مستقبل حضارتنا وطريقة حياتنا- هذا الهجوم الانتحاري خلف مائة قتيل، وعددًا لا يُحصى من المصابين، نفسيًّا وجسديًّا، وبالتأكيد لا تزال ندوب ذلك اليوم باقيةً حتى اليوم.منفذ الهجوم لم يكن أمريكيًّا، بل مسلمًا، واحد منا، ضدنا!استمرَّت الجماعاتُ المتطرفة في قتل نسائنا وأطفالنا في الأسواق والمساجد، في باكستان وأفغانستان، في العراق وكشمير، وغيرها، نفس هؤلاء المتطرفين اختطفوا دينَنا، حتى أضحى الإسلام مرادفًا لأيديولوجيات متطرِّفة تنتهجها قلة.. أيديولوجيات لا يتبنَّاها معظمنا أو يُنسَبون إليها.لطالما كان الإسلام حافزًا على التغيير الإيجابي و(حرية) التعبير، وكان المسلمون رواد الإبداع في مجالات الفن والموسيقى والطب والفلسفة، لكن ظلال الحركات المتطرِّفة غَطَّت سماء ماضينا، وما زالت تعيق نمو حاضرنا، وأنا كمسلم وكأمريكي، والأهم كعضو في الجماعة الإنسانية، أسائل نفسي: لماذا؟لفهْم ما يحدث يجب أن نعود خطوةً للوراء، ونُلقي نظرة فاحصة في المرآة، ما الذي سنراه كمجتمع مسلم، وهل نحن فخورون بهذا الانعكاس؟مهاجمون انتحاريُّون، ينتمون لجماعات إسلامية متطرفة كطالبان والقاعدة، وجماعات منشقَّة لها نفس الميول، قتلوا أبرياء من إخواننا وأخواتنا، هذه حقيقة قاسية، والواقع يجعل القلب ينفطر، خلال السنوات القليلة الماضية، قتل المسلمون من بني جلدتهم أكثر مما قتل عدوهم الغربي الوهمي (سأناقش هذه النقطة بالتفصيل في المقال القادم) لسنا ضحايا ضَرَر مصاحب، ولا أرواحنا ولا عائلاتنا ولا أبناؤنا وبناتنا يستحقُّون أن يصبحوا كذلك، لا يمكننا أن نصبح شهداء بالصدفة، نموت من أجل قضية أُناس آخرين.في العراق، ما زالت المليشيات تدمِّر المساجد وتفجر القنابل في الأسواق، وفي باكستان وأفغانستان، تضطهدُ قوات طالبان نساءنا وتُقنِع شبابنا بإنهاء حياتهم والقيام بعمليات انتحارية، تحدث هذه الأعمال هناك، من قِبل أناس يختبئون خلف جثث الموتى والمقهورين، في المقابل لا تخلو بعض حكومات الدول الإسلامية مما يستوجب اللوم: في إيران، والمملكة العربية، ومصر، تُستَخدم القوة لقمْع حرية المواطنين الروحيَّة والإبداعيَّة والسياسيَّة والاجتماعيَّة، وأبرز الأمثلة على ذلك الحملات العنيفة التي شهدتْها طهران، في يونيو الماضي، وخلَّفت ما يربو على 60 قتيلًا في أوساط المدنيين العُزَّل.على الساحة العالميَّة، جعل قادة المسلمين قِيمنا موضع سخرية، وما هم إلا منافقون يتظاهرون بأنهم يتحدثون بألسنتنا، أما العدالة الاجتماعية وحقوق الإنسان فيحتاجان لنقاشٍ مستقلّ، على سبيل المثال، منذ العام 2008، دعّمت منظمة المؤتمر الإسلامي مرارًا الرئيس السوداني عمر البشير، المطلوب من قِبل المحكمة الجنائية الدولية على خلفية اتهامِه بارتكاب جرائم حرب وأخرى ضد الإنسانية في دارفور، ولدى الأمم المتحدة دلائل على تورُّطِه في المذبحة التي راح ضحيتها 300 ألف دارفوريّ، مثال آخر، في فلسطين، حيث يعاني المسيحيون والمسلمون على أيدي قواتٍ إسرائيلية لا تُسأل عما تفعل، ويقبع المواطنون في هوَّة انقسام يزداد اتساعًا بين حماس وفتح، أكبر الأحزاب الفلسطينية.أنظمة الشرق الأوسط الاستبداديَّة والجماعات المنشقَّة المتطرِّفة في جنوب آسيا احتكروا الفضاء السياسي والاقتصادي والديني داخل المجتمع المسلم الأكبر، هذه الأنظمة شوهت ثقافتنا وهويتنا الدينية، وجعلتنا نظهر بثوب العُنْف والتعصب والظلم، هذه السلبيَّات ليست مرادفًا للإسلام، وليست إحدى مبادئه، هذه السلبيات، كما نعلم، صورةٌ مزيفةٌ مقارَنة بحقيقة دينِنا.في قلوب كل واحد منَّا، كمسلمين، نعلم أن الإسلام ضد القتل والاستبداد والتعصُّب والعنف والظلم، لكن أيها الإخوة، ما الذي يعرفه مجتمعنا، وما الذي يُظهِره؟ كيف نعيش يومنا؟ وما الذي نتعلمه ونُعَلِّمه؟يبدو أننا فشلنا في الشيء الوحيد الذي يُوحِّدنا: ديننا!في هذه المرحلة الحاسِمة من تاريخنا نخاطر بأن نصبح مجرد خيال.. مجرد شيء ليس من صنع أيدينا.. شيء ينافي جمال ديننا، والحلُّ يكمن في النقاش الجماعي لمشاكلنا الداخلية، المتعلِّقة بديننا وقيمنا ودورنا في هذا العالم، دون خوف، بالطبع سيكون للمجتمعات الإسلامية المختلفة مناهج مختلفة، لكن مثل هذه الحلول الحيوية ينبغي إتاحة المجال أمامها، ينبغي علينا استعادة أصواتنا من المتطرِّفين، وإصلاح القضايا التي طالما أصابت مجتمعنا بالضمور.تُسهم مجموعة من القضايا في الاضطراب الذي نواجهُه اليوم، وهي: تدهور النظم التعليمية، ونقص المساحة التي يمكن للمجتمع المدني الحوار والإبداع من خلالها، وقلة الالتزام في ساحة العدالة الاجتماعية، وخاصة في مجال حقوق المرأة، لذلك، في المقالات القادمة سأحاول تقديم بعض الحلول لكيفية مواجهة تحدياتنا المختلفة، مع علمي أنه لا حلول نهائية لتلك الأوبئة التي أصابتْ مجتمعنا، وأنني وحدي لن يكون بإمكاني صنع شيء.بهذه العقلية، أرحِّب بأفكاركم، واقتراحاتكم ورؤاكم، وآمل، من وراء ما أكتبه هنا، إثارة حالة من النقاش والاكتشاف.