الرئيسية أقليات محجبة في نيويورك

محجبة في نيويورك

0 second read
0

ترجمة: علاء البشبيشي

كانت ساعة الذروة في إحدى أمسيات نيويورك، وتحديدًا في الشارع رقم 42، حينما كانت “شيرين خان” تجري مسرعة في محاولة للحاق بالحافلة، لكن صوتًا اخترق الزحام، صارخًا: “اخلعي هذه الخرقة”! تجمدت “شيرين” متعجبة؛ فللمرة الأولى، منذ بداية عملها في نيويورك قبل أربعة شهور، يحدث ذلك معها، بل في الواقع كانت تلك هي المرة الأولى منذ سبع سنوات، حين بدأت ترتدي الحجاب. 

هذه المشاعر المتداخلة التي اجتاحت “شيرين”، للمرة الأولى في حياتها كمسلمة، نقلتها مجلة “تايمز” البريطانية، لأهميتها؛ فهي تعكس اعتزاز أخواتنا المسلمات في الغرب بدينهن وحجابهن، وتؤكد على صمودهن في مواجهة التحديات التي قد يتعرضن لها في المجتمعات الغربية. ولأن أحدًا لن يستطيع وصف هذه اللحظات، إلا من مر بها؛ فسنترك “شيرين” تكمل روايتها بنفسها:

بمجرد أن قال الغريب هذه الكلمات، التفت كثيرون إليَّ. لا أستطيع تحديدًا وصف شعوري وقتها– مزيج من الغضب والإحراج– لكني كنتُ أرغب في الوقوف، والتوضيح لهذا الرجل أهمية ما وصفه بـ”الخرقة” بالنسبة لي. إنه لا يستوعب أن أكثر ما أعتزّ به في الوجود، وأستفرغ وُسعي لتطبيقه بدقة، هو ديني. لقد أصبح الحجاب طبيعة ثانية بالنسبة لي، رغم أنه كان في البداية يمثل لي تحديًا. لقد عوّدتُ نفسي على كيفية ربط شعري بإحكام، وتأكيد ذلك بدبُّوس للأمان، حتى تكونت لدي الخبرة لفعل ذلك. حتى أصبح علامة مميزة لكل من يراني الآن. وباعتباري امرأة مسلمة، أبلغ من العمر 23 عامًا، لا أستطيع التخيل أنني يمكنني الخروج من بيتي بدون الحجاب. 

دائمًا ما يبدأ الحديث عن الحجاب، بالتطرق للاحتشام والحياء، لكن هذه الصفات مثلها كالتقوى، الحكم عليها يعتبر أمرًا نسبيًا (لا يمكن التعميم فيه)، فمَن أنا لأقول إنني أكثر حياءً من غيري، لمجرد أنني أرتدي الحجاب؟ أرتديه لأن الله أمرني بذلك في قرآنه، فارتداؤه أولاً وقبل كل شيء عبادة لله، وطاعة لأوامره، ثم بعد ذلك ربما يساعد في التأكد من حيائي.

حينما كنتُ في التاسعة من عمري، التحق والدي بعمل في المملكة العربية السعودية، وانتقلتُ والعائلة من فرجينيا إلى الرياض، حيث كان من السهولة بمكان العثور على مسجد للصلاة في كل شارع. حين كنتُ أخرج للتسوق لم أكن أنتبه لمواقيت الصلاة؛ فقد كانت المحلات تُغلق أبوابها وقت الصلاة لذا كنا ببساطة نذهب للمسجد ونصلي، ثم نعود للتسوق بعد أن تفتح المحلات أبوابها. وهذا بعكس ما تعودنا عليه حين كنتُ أذهبُ للتسوق مع إحدى زميلاتي في نيوجيرسي.

التزامي بديني، لا يتعارض مع كوني أمريكية. لذلك أكملتُ مسيري، وكأنّي لم أسمع ما قاله هذا الرجل (اخلعي هذه الخرقة). لقد سمعتُه بالطبع، إلا أنني اخترتُ أن أتجاهله، فلم يكن ذاك هو الوقت المناسب لإجراء حوار معه، لذلك تركتُه وانصرفت. قليلاً ما يضايقني أحد بسبب الحجاب، بالعكس، كثيرًا ما أجدُ تشجيعًا على ذلك. أخاف من كلمة “التطرف” وأشكر الله على أنني مسلمة أمريكية.

طالع المزيد من المواد
طالع المزيد من المواد المنشورة بواسطة العالم بالعربية
طالع المزيد من المواد المنشورة في قسم أقليات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

طالِع أيضًا

محمي: «بابري».. قصة مسجد بناه سلطان مغولي وهدمه الهندوس تقديسًا لـ«الإله رام»

لا يوجد مختصر لأن هذه المقالة محمية بكلمة مرور. …