الرئيسية في العمق تأثير انخفاض أسعار النفط على مستقبل الإمارات

تأثير انخفاض أسعار النفط على مستقبل الإمارات

6 second read
0

ترجمة: علاء البشبيشي

ليس هناك شعور بالذعر في دولة الإمارات العربية المتحدة من أسعار النفط الحالية، لكن هناك شعور متزايد بأن الإمارات بحاجة إلى الاستعداد للمستقبل إذا استمر انخفاض الأسعار لفترة طويلة.

ولموازنة ميزانيتها هذا العام، يُعتَقد أن الإمارات بحاجة إلى أن تتراوح أسعار النفط ما بين 73 إلى 78 دولارا للبرميل، لكن الأسواق لم تشهد مثل هذه الأسعار منذ نوفمبر. وفي الأسابيع الأخيرة، وصل سعر خام برنت إلى قرابة 60 دولارا للبرميل. ولا يتوقع كثيرون من مراقبي السوق حدوث ارتفاع حاد في أي وقت قريب. 

استشارة خارجية

واستجابة لهذا التحدي؛ استعانت السلطات في أبو ظبي ودبي بمستشارين من الخارج، بينما تفكر في كيف وأين ينبغي عليها القيام بالتخفيضات. وفي هذا السياق، لجأت وزارة الداخلية في دولة الإمارات إلى التوظيف كورن فيري، المزود الأول في العالم لخدمات تطوير الموارد البشرية للمستويات التنفيذية والإدارية العليا، لإيجاد “مستشار استراتيجي للشؤون الاقتصادية” ليعمل من أبو ظبي. 

ووفقا للتوصيف الوظيفي الذي اطلعت عليه جالف ستاتس نيوز، سوف يتولى القادم الجديد تقديم الاستشارات إلى الشيخ سيف بن زايد آل نهيان، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية (والأخ غير الشقيق للحاكم الفعلي لدولة الإمارات، محمد بن زايد آل نهيان) فيما يتعلق بقضايا التنمية الاقتصادية والنمو والأمن خاصة في ظل تراجع أسعار النفط. 

صحيح أن أبو ظبي راكمت مدخرات هائلة خلال الطفرة النفطية الأخيرة، وتستطيع- لو احتاجت- بسهولة سحب بعضها لتغطية المصروفات في ظل انخفاض أسعار النفط. لكنها برغم ذلك تبحث عن المشورة الاقتصادية المتجددة؛ ما يعزز سمعتها كدولة تتبني نهجًا ماليًا محافظًا نسبيًا. 

إعادة التفكير 

ورغم اقتصاد دبي الأكثر تنوعًا، فإن المخاطر التي يشكلها انخفاض أسعار النفط واضحة. ففي حين تتمتع الإمارة بتواجد قوي في مجالات النقل والخدمات اللوجستية والمالية والسياحة، فإن الكثير من نشاطها يعتمد بشكل غير مباشر على إيرادات المنطقة الأوسع من النفط والغاز؛ وهو الواقع الذي يفرض إعادة النظر في بعض عناصر برنامج البناء الطموح الذي تتنباه الإمارات.

وتحصل حكومة دبي الآن على المشورة من أبو ظبي ومستشارين مستقلين بخصوص ما ينبغي القيام به، فيما تشير التوقعات إلى اللجوء إلى التخفيضات. ويقول أحد المديرين التنفيذيين المطلعين على تفكير الحكومة: “لقد أصابهم انخفاض أسعار النفط بصدمة. الناس قلقون جدا. وتجري حاليا إعادة النظر في بعض الخطط. إنهم يسألون أنفسهم: هل نحن حقا بحاجة إلى القيام بهذا أو ذاك؟”.

توسع الحكومة والقطاع الخاص

لكن من المرجح أن تستمر استثمارات البنية التحتية الكبيرة، مثل توسيع مطار آل مكتوم الدولي بتكلفة 32 مليار دولار، باعتبارها مشاريع أساسية لمستقبل دبي. وإن كان العمل على بعض المشاريع العقارية أو الحدائق قد يتباطأ أو يتوقف. ومن المرجح ألا يُتَّخَذ أيا من هذه الإجراءات إلا بعناية، بالنظر إلى حرص الحكومة على الحفاظ على ثقة الجمهور وإعطاء انطباع أن “الأمور تسير كالمعتاد”، لأسباب ليس أقلها أن ذكريات انهيار عام 2008 لا تزال حية نسبيًا. 

وبينما بدأت السلطات تنظر بجدية- على الأقل- في هذه القضايا، هناك إشارات متضاربة حول توجه القطاع الخاص حيال انخفاض أسعار النفط. ويبدو أن الشركات لا تزال تتوسع بوتيرة صحية، على الرغم من أن معدل النمو يتباطأ. وبينما سَجَّل مؤشر HSBC لمديري المشتريات الخاص بالإمارات، الذي تصدره شركة ماركيت للأبحاث، ارتفاعًا بواقع 0.4 نقطة إلى 56.4 نقطة في شهر مايو، حيث تشير أي معدلات فوق الـ50 نقطة إلى النمو- رغم ذلك- كان الارتفاع في معدل الطلبيات الجديدة هو الأبطأ منذ أغسطس 2013. 

وأجرت ماركيت استطلاعا اقتصاديا مماثلا لبنك الإمارات دبي الوطني أظهر أن مستوى الزيادة في حجم الأعمال الجديدة في القطاع الخاص غير النفطي خلال شهر أبريل كان الأضعف على مدار أكثر من ثلاث سنوات، رغم أن الرقم شهد تحسنا طفيفا في مايو. كما تباطأ التوظيف في عام 2015 مقارنة بالأعوام الأخيرة. 

مباركة واشنطن

وسوف تلقى الجهود التي تبذلها الحكومة لإعادة النظر في خطط الإنفاق قبولا حسنًا لدى واشنطن؛ حيث ظل صندوق النقد الدولي لفترةٍ يحث الحكومات الخليجية على كبح جماح الإنفاق في ضوء انخفاض أسعار النفط. وكان وفد من صندوق النقد الدولي قد زار دولة الإمارات أواخر مايو وأوائل يونيو كجزء من مراجعته السنوية لاقتصاد البلاد. واستغل رئيس الوفد زين زيدان الفرصة، وكرر دعوته- عبر البيانٍ الصادر عقب الزيارة- لخفض الإنفاق، وإن نصح بأن يحدث ذلك تدريجيًا. قائلا: “ينبغي أن تركز سياسات الاقتصاد الكلية على ضبط الأوضاع المالية العامة”. مضيفًا: “ويجب أن يكون هذا الإصلاح المالي تدريجيًا، وأن يُخَطَّط بطريقة تقلل تأثير النمو”. وهذا يتماشى إلى حدٍ كبير مع ما تخطط له السلطات الإماراتية.


شؤون خليجية

طالع المزيد من المواد
طالع المزيد من المواد المنشورة بواسطة العالم بالعربية
طالع المزيد من المواد المنشورة في قسم في العمق

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

طالِع أيضًا

محمي: استعادة «الغمر والباقورة».. قمة جبل الجليد في العلاقات الباردة بين الأردن وإسرائيل

لا يوجد مختصر لأن هذه المقالة محمية بكلمة مرور. …