ماذا بعد؟ أمريكا وتركيا.. هل يستمر الوفاق؟! لـ العالم بالعربية منشور في 1 second read 0 شارك على Facebook شارك على Twitter شارك على Google+ شارك على Reddit شارك على Pinterest شارك على Linkedin شارك على Tumblr ترجمة: علاء البشبيشي رغم تحسُّن العلاقات نسبيًا بين أنقرة وواشنطن؛ نتيجة إعطاء الأخيرة الضوء الأخضر للتحرك العسكري شمال العراق، لملاحقة مسلحي حزب العمال الكردستاني، إلا أن سؤالاً مازال مطروحًا على الطاولة وهو: إلى متى سيستمر هذا الوفاق؟! وللإجابة على هذا السؤال، نشرت مجلة نيوزويك الأمريكية تقريرًا للكاتبين “سامي كوهين”، و”أوين ماثيوس”، تحت عنوان (أصدقاء مجددًا)، قالت فيه: إن تركيا كانت تشتكي من الهجمات الإرهابية التي يشنّها متمردو حزب العمال الكردستاني ضد مواقع في عمق الأراضي التركية، حتى قبل احتلال العراق في العام 2003، لكن أمريكا لم تستمع لهذه الشكاوى إلا عندما صعّدت تركيا من لهجتها التهديدية باجتياح شمال العراق، وقطع الإمدادات عن القواعد العسكرية الأمريكية، وتعتبر الغارات التركية الأخيرة في العمق العراقي شمالاً خير دليل على ذلك. خيارات أمريكا وبحسب أحد كبار المستشارين الذين حضروا المحادثات في واشنطن بين الرئيس الأمريكي جورج بوش، ورئيس الوزراء التركي “رجب طيب أردوغان” في الخامس من نوفمبر الماضي، فإن صفقة ما تمّت بين الطرفين، أُعطِي على أساسها الضوء الأخضر لتركيا بمهاجمة قواعد مسلحي حزب العمال الكردستاني شمال العراق. فقد أخبر أردوغان بوش أن عليه الاختيار بين الحفاظ على علاقاته مع تركيا، أو مسلحي حزب العمال الكردستاني، وجاء اختيار بوش بتأييد أنقرة على القيام بعمليات “محدودة” شمال العراق، وفي نفس الوقت إبقاء باب التسوية السياسية مفتوحًا. في حقيقة الأمر، كان أمام الولايات المتحدة قليل من الخيارات؛ فواشنطن طالما قالت بأن حزب العمال الكردستاني منظمة إرهابية، وتواجدها في شمال العراق لا يمكن التساهل معه. والأهم من ذلك هو احتياج واشنطن لتركيا كحليف في حربها ضدّ ما تسميه بالإرهاب، مما يضع نقطة لصالح المفاوض التركي. كما أن الغارات الجوية أتت بأكثر مما اشتهته تركيا، وخططت له منذ شهور، خاصة وأن هذا التحرك يعتبر الأول من نوعه منذ الغزو الأمريكي للعراق في العام 2003. وهكذا حازت تركيا أخيرًا، وبعد سنوات من التوتر والإحباط، على مساعدة استراتيجية وإمداد تكتيكي من واشنطن. مساعدات استخباراتية وبدوره صرّح “نابي سنسوي” سفير تركيا في واشنطن، بأن أمريكا أمدت تركيا بمعلومات استخباراتية ساعدتها في القيام بالغارات بالعمليات العسكرية ضدّ مسلحي حزب العمال الكردستاني. ورغم اعتراف البيت الأبيض بمشاركة المعلومات الاستخباراتية مع أنقرة، إلا أنه رفض التعليق على التقارير التي أفادت بالمساعدات الأمريكية لتركيا في استهداف متمردي حزب العمال. لكن أمريكا حتمًا فتّحت المجال الجوي العراقي، والذي ما زال تحت سيطرتها، أمام الطائرات المقاتلة التركية، وإلا ما استطاعت الأخيرة القيام بهذه العمليات. وقد شعر الأتراك- الذين تحوّلوا من حليف واشنطن الأكبر إلى المنتقد الأكبر لسياستها في المنطقة– بأن المياه قد عادت لمجاريها من جديد مع أمريكا، وأنهم أصبحوا والأمريكيون أصدقاء مجددًا، خاصة بعد التوتر الذي شهدته العلاقات بين البلدين في العام 2003، حينما ألقت القوات الأمريكية القبض على 22 من العملاء المتخفين التابعين للقوات الخاصة التركية، في مدينة كركوك العراقية، حيث تم تقييدهم وتغطية رؤوسهم بأكياس بلاستيكية، وهو الأمر الذي لاقى انتقادًا واهتمامًا صحفيًّا واسعين في الأوساط الإعلامية التركية وقتها. إلى متى؟! ويبقى السؤال الهام في هذا السياق، ألا وهو “إلى متى سيستمر هذا الوفاق؟” حيث تكمن الخطورة في أن تساند أمريكا برزاني– الذي رفض لقاء رايس مؤخرًا- في حالة تصعيد تركيا لهجماتها شمال العراق. وهو الأمر الذي أتت أول إرهاصاته ربما، حين صرّحت رايس بأن على تركيا الامتناع عن أي عمل عسكري من شأنه زعزعة استقرار العراق “. وهو الأمر الذي يعني أن واشنطن لا تريد لتركيا أن تتوغل لمسافات كبيرة في العمق العراقي. لذلك جاء ردّ الرئيس التركي عبد الله جول ورئيس وزرائه رجب طيب أردوغان مؤكدًا أن العمليات العسكرية التركية تستهدف فقط متمردي حزب العمال، ولا شأن لها بالمدنيين، أو القوات الكردية. هذا التخوف من توتر العلاقات بين الحليفتين (تركيا وأمريكا) أيّدته أيضًا صحيفة “توداي زمان” التركية، التي قالت: إذا ما تطورت العمليات العسكرية التركية بصورة تثير المدنيين الأكراد مما سيصعب من مهمة أمريكا في العراق، فإن العلاقات بين البلدين ربما تشهد توترًا محتومًا. وأوضحت الصحيفة أن تأييد أكراد العراق للحكومة المركزية العراقية أمر ضروري لسلامة العراق، لكن إذا ما سحب الأكراد تأييدهم للحكومة العراقية، فإن ذلك سيؤدي حتمًا لفشلها، مما سيعقّد مهمة الأمريكان، وسيجبر واشنطن على سحب دعمها (الاستخبارتي) لتركيا في عملياتها ضد حزب العمال الكردستاني. ورقة انتخابية وللمرة الأولى منذ حرب فيتنام، تطرح إحدى السياسات الخارجية كموضوع أساسيّ على طاولة الانتخابات الرئاسية الأمريكية، والمزمع عقدها في نوفمبر من العام الحالي. وكون العراق هو من يحظى بهذا التركيز الكبير في هذه الانتخابات، يضفي على الموضوع مزيدًا من الغرابة، خاصة وأن التدخل التركي في شمال العراق قد دخل ساحة الانتخابات الأمريكية كذلك، بل ربما حاز على اهتمام أكثر من قبل المتنافسين الأكثر حظًّا للفوز بسكنى البيت الأبيض. وبما أن زيارة الرئيس التركي عبد الله جول لواشنطن، الأسبوع القادم، ستتناول هذه القضية، فإن احتمالين اثنين يطفوان على السطح أثناء تحليل هذه المعضلة: فهناك من يرى أن العلاقات بين البلدين ستشهد تطورًا ملحوظًا على الأقل خلال العام القادم، هناك من يقول بعكس ذلك، بل يرى أن الطاولة ربما تنقلب رأسًا على عقب في القريب العاجل. ولأن الأزمة الحالية للأقلية الكردية في العراق، والتي يبلغ قوامها 14 مليون شخص، لن تنتهي بالعمل العسكري وحده ضد المتمردين، فإن التساؤل مازال قائمًا “إلى متى ستظل العلاقات بين أنقرة وواشنطن جيدة؟”.